Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 163-163)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيّينَ مِن بَعْدِهِ } جواب لأهل الكتاب عن سؤالهم رسول الله صلى الله عليه وسلم [ أن ينزل عليهم ] كتاباً من السماء ، واحتجاج عليهم بأن شأنه في الوحي كشأن سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الذين لا ريب في نبوّتهم ، وقيل : هو تعليل لقوله تعالى : { ٱلرَّاسِخُونَ فِى ٱلْعِلْمِ } [ النساء : 162 ] . وأخرج ابن إسحاق وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : « قال سكين وعدي بن زيد : يا محمد ما نعلم الله تعالى أنزل على بشر من شيء بعد موسى عليه السلام فأنزل الله تعالى هذه الآية » والكاف في محل النصب على أنه نعت لمصدر محذوف أي إيحاءاً مثل إيحائنا إلى نوح عليه السلام ، أو حال من ذلك المصدر المقدر معرفاً كما هو رأي سيبويه أي إنا أوحينا الإيحاء [ حال كونه ] مشبهاً بإيحائنا الخ ، و ( ما ) في الوجهين مصدرية . وجوّز أبو البقاء أن تكون موصولة فيكون الكاف مفعولاً به أي أوحينا إليك مثل الذي أوحيناه إلى نوح من التوحيد وغيره وليس بالمرضي ، و ( من بعده ) متعلق بأوحينا ولم يجوّزوا أن يكون حالاً من النبيين لأن ظروف الزمان لا تكون أحوالاً للجثث ، وبدأ سبحانه بنوح عليه السلام تهديداً لهم لأنه أول نبـي عوقب قومه ، وقيل : لأنه أول من شرع الله تعالى على لسانه الشرائع والأحكام ، وتعقب بالمنع ، وقيل : لمشابهته بنبينا صلى الله عليه وسلم في عموم الدعوة لجميع أهل الأرض ، ولا يخلو عن نظر لأن عموم دعوته عليه السلام اتفاقي لا قصدي ، وعموم الفرق على القول به وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيقه ليس قطعي الدلالة على ذلك كما لا يخفى . { وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرٰهِيمَ } عطف على { أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ } داخل معه في حكم التشبيه أي كما أوحينا إلى إبراهيم { وَإِسْمَـٰعِيلَ وَإِسْحَـٰقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ } وهم أولاد يعقوب عليه السلام في المشهور ، وقال غير واحد : إن الأسباط في ولد إسحاق كالقبائل في أولاد إسماعيل ، وقد بعث منهم عدة رسل ، فيجوز أن يكون أراد سبحانه بالوحي إليهم الوحي إلى الأنبياء منهم كما تقول : أرسلت إلى بني تميم ، وتريد أرسلت إلى وجوههم ، ولم يصح أن الأسباط الذين هم أخوة يوسف عليه السلام كانوا أنبياء بل الذي صح عندي وألف فيه الجلال السيوطي « رسالة » خلافه { وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَـٰرُونَ وَسُلَيْمَـٰنَ } ذكروا مع ظهور انتظامهم في سلك النبيين تشريفاً لهم وإظهاراً لفضلهم على ما هو المعروف في ذكر الخاص بعد العام في مثل هذا المقام ، وتكرير الفعل لمزيد تقرير الإيحاء والتنبيه على أنهم طائفة خاصة مستقلة بنوع مخصوص من الوحي ، وبدأ بذكر إبراهيم بعد التكرير / لمزيد شرفه ولأنه الأب الثالث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما نص عليه الأجهوري وغيره . وقدم عيسى عليه السلام على من بعده تحقيقاً لنبوته وقطعاً لما رآه اليهود فيه ، وقيل : ليكون الابتداء بواحد من أولي العزم بعد تغير صفة المتعاطفات إفراداً وجمعاً وكل هذه الأسماء على ما ذكره أبو البقاء أعجمية إلا الأسباط ، وفي ذلك خلاف معروف ، وفي يونس لغات أفصحها ضم النون من غير همز ، ويجوز فتحها وكسرها مع الهمز وتركه . { وَءاتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً } عطف على { أَوْحَيْنَا } داخل في حكمه لأن إيتاء الزبور من باب الإيحاء ، وكما آتينا داود زبوراً وإيثاره على أوحينا إلى داود لتحقق المماثلة في أمر خاص ، وهو إيتاء الكتاب بعد تحققها في مطلق الإيحاء ؛ والزبور بفتح الزاي عند الجمهور وهو فعول بمعنى مفعول كالحلوب والركوب كما نص عليه أبو البقاء . وقرأ حمزة وخلف { زَبُوراً } بضم الزاي حيث وقع ، وهو جمع زبر بكسر فسكون بمعنى مزبور أي مكتوب ، أو زَبْر بالفتح والسكون كفلس وفلوس ، وقيل : إنه مصدر كالقعود والجلوس ، وقيل : إنه جمع زبور على حذف الزوائد ، وعلى العلات جعل اسماً للكتاب المنزل على داود عليه السلام ، وكان إنزاله عليه عليه السلام منجماً وبذلك يحصل الإلزام ، « وكان فيه كما قال القرطبـي مائة وخمسون سورة ليس فيها حكم من الأحكام ، وإنما هي حكِمَ ومواعظ » والتحميد والتمجيد والثناء على الله تعالى شأنه .