Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 44, Ayat: 56-56)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ إِلاَّ ٱلْمَوْتَةَ ٱلأُولَىٰ } جملة مستأنفة أو حالية وكأنه أريد أن يقال : لا يذوقون فيها الموت البتة فوضع الموتة الأولى موضع ذلك لأن الموتة الماضية محال ذوقها في المستقبل فهو من باب التعليق بالمحال كأنه قيل : إن كانت الموتة الأولى يستقيم ذوقها في المستقبل فإنهم يذوقونها ، ونظيره قول القائل لمن يستسقيه : لا أسقيك إلا الجمر وقد علم أن الجمر لا يسقي ، ومثله قوله عز وجل : { وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءابَاؤُكُمْ مّنَ ٱلنّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ } [ النساء : 22 ] فالاستثناء متصل والدخول فرضي للمبالغة ، وضمير { فِيهَا } للجنات ، وقيل : هو متصل والمؤمن عند موته لمعاينة ما يعطاه في الجنة كأنه فيها فكأنه ذاق الموتة الأولى في الجنة ، وقيل : متصل وضمير { فِيهَا } للآخرة والموت أول أحوالها ، ولا يخفى ما فيه من التفكيك مع ارتكاب التجوز ، وقيل : الاستثناء منقطع والضمير للجنات أي لكن الموتة الأولى قد ذاقوها في الدنيا ، والأصل اتصال الاستثناء . وقال الطبري : إلا بمعنى بعد ، والجمهور لم يثبتوا هذا المعنى لها ، وقال ابن عطية : ذهب قوم إلى أن إلا بمعنى سوى وضعفه الطبري . وقال أبو حيان : ( ( ليس تضعيفه بصحيح بل يصح المعنى بسوى ويتسق ) ) . وفائدة الوصف تذكير حال الدنيا . والداعي لما سمعت من الأوجه دفع سؤال يورد هٰهنا من أن الموتة الأولى مما مضى لهم في الدنيا وما هو كذلك لا يمكن أن يذوقوه في الجنة فكيف استثنيت ؟ وقيل : إن السؤال مبني على أن الاستثناء من النفي إثبات فيثبت للمستثني الحكم المنفي عن المستثنى منه ومحال أن يثبت للموتة الأولى الماضية الذوق في الجنة ، وأما على قول من / جعله تكلماً بالباقي بعد الثنيا ، والمعنى لا يذوقون سوى الموتة الأولى من الموت فلا إشكال فتأمل . وقرأ عبيد بن عمير { لا يذاقون } مبنياً للمفعول ، وقرأ عبد الله { لا يذوقون فيها طعم الموت } وجاء في الحديث النوم لأنه أخو الموت ، أخرج البزار والطبراني في « الأوسط » وابن مردويه والبيهقي في البعث بسند صحيح عن جابر بن عبد الله قال : " قيل يا رسول الله أينام أهل الجنة ؟ قال : لا النوم أخو الموت وأهل الجنة لا يموتون ولا ينامون " { وَوَقَـٰهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } وقرأ أبو حيوة { ووقَّاهم } مشدد القاف على المبالغة في التكثير في الوقاية لأن التفعيل لزيادة المعنى لا للتعدية لأن الفعل متعد قبله .