Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 26-26)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَقَدْ مَكَّنَّـٰهُمْ } أي قررنا عاداً وأقدرناهم . و { مَا } في قوله تعالى : { فِيمَا إِن مَّكَّنَّـٰهُمْ فِيهِ } موصولة أو موصوفة و { إِن } نافية أي في الذي أو في شيء ما مكناكم فيه من السعة والبسطة وطول الأعمار وسائر مبادي التصرفات كما في قوله تعالى : { كَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ قَبْلِهِم مّن قَرْنٍ مَّكَّنَّـٰهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكّن لَّكُمْ } [ الأنعام : 6 ] ولم يكن النفي بلفظ { مَا } كراهة لتكرير اللفظ وإن اختلف المعنى ، ولذا قال من ذهب إلى أن أصل مهما ماما على أن ما الشرطية مكررة للتأكيد قلبت الألف الأولى هاء فراراً من كراهة التكرار ، وعابوا على المتنبـي قوله : @ لعمرك ماما بان منك لضارب بأقتل مما بان منك لعائب @@ أي ما الذي بان الخ ، يريد لسانه لا يتقاعد عن سنانه ، هذا للعائب وذلك للضارب ، وكان يسعه أن يقول : إن مابان ، وإدخال الباء للنفي لا للعمل على أن إعمال إن قد جاء عن المبرد ، قيل : { إِن } شرطية محذوفة / الجواب والتقدير إن مكناكم فيه طغيتم ، وقيل : إنها صلة بعد ( ما ) الموصولة تشبيهاً بما النافية و ( ما ) التوقيتية ، فهي في الآية مثلها في قوله : @ يرجى المرء ما ان لا يراه وتعرض دون أدناه الخطوب @@ أي مكناهم في مثل الذي مكناكم فيه ، وكونها نافية هو الوجه لأن القرآن العظيم يدل عليه في مواضع وهو أبلغ في التوبيخ وأدخل في الحث على الاعتبار . { وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَـٰراً وَأَفْئِدَةً } ليستعملوها فيما خلقت له ويعرفوا بكل منها ما نيطت به معرفته من فنون النعم ويستدلوا بها على شؤون منعمها عز وجل ويداوموا على شكره جل شأنه . { فَمَا أَغْنَىٰ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ } حيث لم يستعملوه في استماع الوحي ومواعظ الرسل { وَلاَ أَبْصَـٰرُهُمْ } حيث لم يجتلوا بها الآيات التكوينية المرسومة في صحائف العالم { وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ } حيث لم يستعملوها في معرفة الله تعالى { مِنْ شَيْء } أي شيئاً من الإغناء ، و { مِنْ } مزيدة للتوكيد والتنوين للتقليل . وجوز أن تكون تبعيضية أي ما أغنى بعض الإغناء وهو القليل ، و { مَا } في { مَا أَغْنَىٰ } نافية وجوز كونها استفهامية . وتعقبه أبو حيان بأنه يلزم عليه زيادة { مِنْ } في الواجب وهو لا يجوز على الصحيح . ورد بأنهم قالوا : تزاد في غير الموجب وفسروه بالنفي والنهي والاستفهام . وإفراد السمع في النظم الجليل وجمع غيره لاتحاد المدرك به وهو الأصوات وتعدد مدركات غيره أو لأنه في الأصل مصدر ، وأيضاً مسموعهم من الرسل متحد . { إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } ظرف متعلق بالنفي الصريح أو الضمني في قوله تعالى : { مَا أَغْنَىٰ } وهو ظرف أريد به التعليل كناية أو مجازاً لاستواء مؤدى الظرف والتعليل في قولك : ضربته لإساءته وضربته إذ أساء لأنك إنما ضربته في ذلك الوقت لوجود الإساءة فيه ، وهذا مما غلب في إذ وحيث من بين سائر الظروف حتى كاد يلحق بمعانيهما الوضعية . { وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ } من العذاب الذي كانوا يستعجلونه بطريق الاستهزاء ويقولون : { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِن ٱلصَّـٰدِقِينَ } [ الأحقاف : 22 ] .