Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 4-4)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ } توبيخاً لهم وتبكيتاً { أَرَءيْتُمْ } أخبروني وقرىء { أرأيتكم } { مَا تَدَّعُونَ } ما تعبدون { مِن دُونِ ٱللَّهِ } من الأصنام أو جميع المعبودات الباطلة ولعله الأظهر . والموصول مفعول أول لأرأيتم وقوله تعالى : { أَرُونِيَ } تأكيد له فإنه بمعنى أخبروني أيضاً . وقوله تعالى : { مَاذَا خَلَقُواْ } جوز فيه أن تكون { مَا } اسم استفهام مفعولاً مقدماً لخلقوا و { ذَا } زائدة وأن تكون { مَاذَا } اسماً واحداً مفعولاً مقدماً أي أي شيء خلقوا وأن تكون اسم استفهام مبتدأ أو خبراً مقدماً و { ذَا } اسم موصول خبراً أو مبتدأ مؤخراً وجملة { خَلَقُواْ } صلة الموصول أي ما الذي خلقوه ، وعلى الأولين جملة { خَلَقُواْ } مفعول ثان لأرأيتم وعلى ما بعدهما جملة { مَاذَا خَلَقُواْ } وجوز أن يكون الكلام من باب الإعمال وقد أعمل الثاني وحذف مفعول الأول واختاره أبو حيان ، وقيل : يحتمل أن يكون { أَرُونِيَ } بدل اشتمال من { أَرَأيْتُمْ } وقال ابن عطية : ( ( يحتمل { أرأيتم } وجهين ، كونها متعدية و { مَا } مفعولاً لها ، وكونها منبهة لا تتعدى و { مَا } استفهامية على معنى التوبيخ ) ) ، وهذا الثاني قاله الأخفش في { أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى ٱلصَّخْرَةِ } [ الكهف : 63 ] . وقوله تعالى : { منَ ٱلاْرْضِ } تفسير للمبهم في { مَاذَا خَلَقُواْ } قيل : والظاهر أن المراد من أجزاء الأرض وبقعها ، وجوز أن يكون المراد ما على وجهها من حيوان وغيره بتقدير مضاف يؤدي ذلك ، ويجوز أن يراد بالأرض السفليات مطلقاً ولعله أولى . { أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ } أي شركة مع الله سبحانه { فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ } أي في خلقها ، ولعل الأولى فيها أيضاً أن تفسر بالعلويات . و { أَمْ } جوز أن تكون منقطعة وأن تكون متصلة ، والمراد نفي استحقاق آلهتهم للمعبودية على أتم وجه ، فقد نفى أولاً : مدخليتها في خلق شيء من أجزاء العالم السفلي حقيقة واستقلالاً ، وثانياً : مدخليتها على سبيل الشركة في خلق شيء من أجزاء العالم العلوي ، ومن المعلوم أن نفي ذلك يستلزم نفي استحقاق المعبودية . وتخصيص الشركة في النظم الجليل بقوله سبحانه : { فِي ٱلسَّمَـٰوَاتِ } مع أنه لا شركة فيها وفي الأرض أيضاً لأن القصد إلزامهم بما هو مسلم لهم ظاهر لكل أحد والشركة في الحوادث السفلية ليست كذلك لتملكهم وإيجادهم لبعضها بحسب الصورة الظاهرة . وقيل : الأظهر أن تجعل الآية من حذف معادل { أَمْ } المتصلة لوجود دليله والتقدير ألهم شرك في الأرض أم لهم شرك في السمٰوات ؟ وهو كما ترى . وقوله تعالى : { ٱئْتُونِي بِكِتَـٰبٍ } إلى آخره تبكيت لهم بتعجيزهم عن الإتيان بسند نقلي بعد تبكيتهم بالتعجيز عن الإتيان بسند عقلي فهو من جملة القول أي ائتوني بكتاب إلهي كائن { مّن قَبْلِ هَـٰذَا } الكتاب أي القرآن الناطق بالتوحيد وإبطال الشرك دال على صحة دينكم { أَوْ أَثَـٰرَةٍ مّنْ عِلْمٍ } أي بقية من علم بقيت عليكم من علوم الأولين شاهدة باستحقاقهم العبادة ، فالإثارة مصدر كالضلالة بمعنى البقية من قولهم : سمنت الناقة على أثارة من لحم أي بقية منه . وقال القرطبـي : هي بمعنى الإسناد والرواية ، ومنه قول الأعشى : @ إن الذي فيه تماريتما بُيِّن للسامع والآثِر @@ وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن وقتادة : المعنى أو خاصة من علم فاشتقاقها من الأثرة فكأنها قد آثر الله تعالى بها من هي عنده ، وقيل : هي العلامة . وأخرج أحمد وابن المنذر وابن أبـي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق أبـي سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عباس عن النبـي صلى الله عليه وسلم : " أو أثارة من علم " قال : الخط ، وروي ذلك أيضاً موقوفاً على ابن عباس ، وفسر بعلم الرمل كما في حديث أبـي هريرة مرفوعاً / " كان نبـي من الأنبياء يخط فمن صادف مثل خطه علم " وفي رواية عن الحبر أنه قال : { أَثَـٰرَةٍ مّنْ عِلْمٍ } خط كان يخطه العرب في الأرض ، وهذا ظاهر في تقوية أمر علم الرمل وأنه شيء له وجه ويرشد إلى بعض الأمور ، وفي ذلك كلام يطلب من محله . وفي « البحر » ( ( قيل : إن صح تفسير ابن عباس الأثارة بالخط في التراب كان ذلك من باب التهكم بهم وبأقوالهم ودلائلهم ) ) . والتنوين للتقليل و { مِنْ عِلْمٍ } صفة أي أو ائتوني بأثارة قليلة كائنة من علم . { إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } في دعواكم فإنها لا تكاد تصح ما لم يقم عليها برهان عقلي أو دليل نقلي وحيث لم يقم عليها شيء منهما وقد قاما على خلافها تبين بطلانها . وقرىء { إثارة } بكسر الهمز وفسرت بالمناظرة فإنها تثير المعاني ، قيل : وذلك من باب الاستعارة على تشبيه ما يبرز ويتحقق بالمناظرة بما يثور من الغبار الثائر من حركات الفرسان . وقرأ علي وابن عباس رضي الله تعالى عنهم بخلاف عنهما وزيد بن علي وعكرمة وقتادة والحسن والسلمي والأعمش وعمرو بن ميمون { أثرة } بغير ألف وهي واحدة جمعها أثر كقترة وقتر ، وعلي كرم الله تعالى وجهه والسلمي وقتادة أيضاً بإسكان الثاء وهي الفعلة الواحدة مما يؤثر أي قد قنعت منكم بخبر واحد أو أثر واحد يشهد بصحة قولكم ؛ وعن الكسائي ضم الهمزة وإسكان الثاء فهي اسم للمقدار كالغرفة لما يغرف باليد أي ائتوني بشيء ما يؤثر من علم ، وروي عنه أيضاً أنه قرأ { إثْره } بكسر الهمزة وسكون الثاء وهي بمعنى الأثرة بفتحتين .