Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 35-35)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ فَلاَ تَهِنُواْ } أي إذا علمتم أن الله تعالى مبطل أعمالهم ومعاقبهم فهو خاذلهم في الدنيا والآخرة فلا تبالوا بهم ولا تظهروا ضعفاً ، فالفاء فصيحة في جواب شرط مفهوم مما قبله ، وقيل : هي لترتيب النهي على ما سبق من الأمر بالطاعة { وَتَدْعُواْ إِلَى ٱلسَّلْمِ } عطف على { تَهِنُواْ } داخل في حيز النهي أي ولا تدعوا الكفار إلى الصلح خوراً وإظهاراً للعجز فإن ذلك إعطاء الدنية ، وجوز أن يكون منصوباً بإضمار أن فيعطف المصدر المسبوك على مصدر متصيد مما قبله كقوله : @ لا تنه عن خلق وتأتي مثله @@ واستدل إلكيا بهذا النهي على منع مهادنة الكفار إلا عند الضرورة ، وعلى تحريم ترك الجهاد إلا عند العجز . وقرأ السلمي { وَتَدَّعُواْ } بتشديد الدال من ادعى بمعنى دعا ، وفي « الكشاف » ذكر لا في هذه القراءة ، ولعل ذلك رواية أخرى ، وقرأ الحسن وأبو رجاء والأعمش وعيسى وطلحة وحمزة وأبو بكر { ٱلسلم } بكسر السين . { وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ } أي الأغلبون ، والعلو بمعنى الغلبة مجاز مشهور ، والجملة حالية مقررة لمعنى النهي مؤكدة لوجوب الانتهاء وكذا قوله تعالى : { وَٱللَّهُ مَعَكُمْ } أي ناصركم فإن كونهم الأغلبين وكونه عز وجل ناصرهم من أقوى موجبات الاجتناب عما يوهم الذل والضراعة . وقال أبو حيان : ( ( يجوز أن يكونا جملتين مستأنفتين أخبروا أولاً أنهم الأعلون وهو إخبار بمغيب أبرزه الوجود ثم ارتقى إلى رتبة أعلى من التي قبلها وهي كون الله تعالى معهم . { وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَـٰلَكُمْ } قال : ولن يظلمكم ) ) ، وقيل : ولن ينقصكم ، وقيل : ولن يضيعها ، وهو كما قال أبو عبيد والمبرد من وترت الرجل إذا قتلت له قتيلاً من ولد أو أخ أو حميم أو سلبته ماله وذهبت به . قال الزمخشري : ( ( وحقيقته أفردته من قريبه أو ماله من الوتر وهو الفرد ، فشبه إضاعة عمل العامل وتعطيل ثوابه بوتر الواتر وهو من فصيح الكلام - وفيه هنا من الدلالة على مزيد لطف الله تعالى ما فيه - ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : " من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله " ) ) والظاهر على ما ذكره أنه لا بد من تضمين وترته معنى السلب ونحوه ليتعدى إلى المفعول الثاني بنفسه ، وفي « الصحاح » أنه من الترة وحمله على نزع الخافض أي جعلته موتوراً لم يدرك ثأره في ذلك كأنه نقصه فيه وجعله نظير دخلت البيت أي فيه وهو سديد أيضاً . وجوز بعضهم { يتر } هٰهنا متعدياً لواحد و { أَعْمَـٰلَكُمْ } بدل من ضمير الخطاب أي لن يتر أعمالكم من ثوابها . / والجملة قيل : معطوفة على قوله تعالى : { مَّعَكُمْ } وهي وإن لم تقع حالاً استقلالاً لتصديرها بحرف الاستقبال المنافي للحال على ما صرح به العلامة التفتازاني وغيره لكنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في غيره ، وقيل : المانع من وقوع المصدرة بحرف الاستقبال حالاً مخالفته للسماع وإلا فلا مانع من كونها حالاً مقدرة مع أنه يجوز أن تكون { لَنْ } لمجرد تأكيد النفي . والظاهر أن المانعين بنوا المنع على المنافاة وأنها إذا زالت باعتبار أحد الأمرين فلا منع لكن قيل : إن الحال المقصود منها بيان الهيئة غير الحال الذي هو أحد الأزمنة والمنافاة إنما هي بين هذا الحال والاستقبال . وهذا نظير ما قال مجوزو مجيء الجملة الماضية حالاً بدون قد ، وما لذلك وما عليه في كتب النحو ، وإذا جعلت الجملة قبل مستأنفة لم يكن إشكال في العطف أصلاً .