Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 47, Ayat: 8-8)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ } من تَعَسَ الرجل بفتح العين تعساً أي سقط على وجهه ، وضده انتعش أي قام من سقوطه ، وقال شمر وابن شميل وأبو الهيثم وغيرهم : تَعِسَ بكسر العين ، ويقال : تعساً له ونكساً على أن الأول كما قال ابن السكيت بمعنى السقوط على الوجه والثاني بمعنى السقوط على الرأس ، وقال الحمصي في « حواشيه على التصريح » : تعس تعساً أي لا انتعش من عثرته ونُكْساً بضم النون وقد تفتح إما في لغة قليلة وإما اتباعاً لتعساً ، والنُّكس بالضم عود المرض بعد النقه ، ويراد بذلك الدعاء ، وكثر في الدعاء على العاثر تعساً له ، وفي الدعاء له لعاً له أي انتعاشاً وإقامة ، وأنشدوا قول الأعشى يصف ناقة : @ كلفت مجهولة نفسي وشايعني همي عليها إذا ما آلها لمعا بذات لوث عفرناة إذا عثرت فالتعس أولى لها من أن أقول لعا @@ وقال ثعلب وابن السكيت أيضاً التعس الهلاك ، ومنه قول مجمع بن هلال : @ تقول وقد أفردتها من حليلها تعست كما أتعستني يا مجمع @@ وفي « القاموس » ( ( التَّعْسُ الهلاكُ والعِثَارُ والسقوطُ والشرُّ والبعدُ والانحطاطُ والفِعْلُ كمَنَعَ وسَمِعَ أو إذا خاطبتَ قلت : تَعَسْتَ كمَنَعَ وإذا حَكَيْتَ قلت : تَعِسَ كسَمِعَ ، ويقال : تَعِسَهُ الله تعالى وأَتْعَسَه ورجل تاعِس وتَعِس ) ) ، وانتصابه على المصدر بفعل من لفظه يجب إضماره لأنه للدعاء كسقياً ورعياً فيجري مجرى الأمثال إذا قصد به ذلك ، والجار والمجرور بعده متعلق بمقدر للتبيين عند كثير أي أعني له مثلاً فنحو تعساً له جملتان . وذهب الكوفيون إلى أنه كلام واحد ، ولابن هشام كلام في هذا الجار مذكور في بحث لام التبيين فلينظر هناك . واختلفت العبارات في تفسير ما في الآية الكريمة ، فقال ابن عباس : أي بعداً لهم ، وابن جريج والسدي أي حزناً لهم ، والحسن أي شتماً لهم ، وابن زيد أي شقاء لهم ، والضحاك أي رغماً لهم ، وحكى النقاش تفسيره بقبحاً لهم ، وقال غير واحد : أي عثوراً وانحطاطاً لهم ، وما ألطف ذكر ذلك في حقهم بعد ذكر تثبيت الأقدام في حق المؤمنين ، وفي رواية عن ابن عباس يريد في الدنيا القتل وفي الآخرة التردي في النار ، وأكثر الأقوال ترجع إلى الدعاء عليهم بالهلاك . وجوز الزمخشري في إعرابه وجهين . الأول : كونه مفعولاً مطلقاً لفعل محذوف كما تقدم . والثاني : مفعولاً به لمحذوف أي فقضى تعساً لهم ، وقدر على الأول القول أي فقال : تعساً لهم ، والذي دعاه لذلك على ما قيل جعل { ٱلَّذِينَ } مبتدأ والجملة المقرونة بالفاء خبراً له وهي لإنشاء الدعاء والإنشاء لا يقع خبراً بدون تأويل ، فإما أن يقدر معها قول أو تجعل خبراً بتقدير قضى ، وجعل قوله تعالى : { وَأَضَلَّ أَعْمَـٰلَهُمْ } عطفاً على ما قدر . وفي « الكشف » المراد من قال : تعساً لهم أهلكهم الله لا أن ثم دعاء وقولاً ، وذلك لأنه لا يدعى على شخص إلا وهو مستحق له فإذا أخبر تعالى أنه يدعو عليه دل على تحقق الهلاك لا سيما وظاهر اللفظ أن الدعاء منه عز وجل ، وهذا مجاز على مجاز أعني أن القول مجاز وكذلك الدعاء بالتعس ، ولم يجعل العطف على { تعساً } لأنه دعاء ، و { أَضَلَّ } إخبار ، ولو جعل دعاء أيضاً عطفاً على { تَعْسَاً } على التجوز المذكور لكان له وجه انتهى . وأنت تعلم أن اعتبار ما اعتبره الزمخشري ليس لأجل أمر العطف فقط بل لأجل أمر الخبرية أيضاً ، فإن قيل بصحة الإخبار بالجملة الإنشائية من غير تأويل استغنى عما قاله بالكلية ، ودخلت الفاء في خبر الموصول لتضمنه معنى الشرط . / وجوز أن يكون الموصول في محل نصب على المفعولية لفعل مقدر يفسره الناصب لتعساً أي أتعس الله الذين كفروا أو تعس الله الذي كفروا تعساً لما سمعت عن « القاموس » وقد حكي أيضاً عن أبـي عبيدة ، والفاء زائدة في الكلام كما في قوله تعالى : { وَرَبَّكَ فَكَبّرْ } [ المدثر : 3 ] ويزيدها العرب في مثل ذلك على توهم الشرط ، وقيل : يقدر الفعل مضارعاً معطوفاً على قوله تعالى : { يُثَبّتُ } [ محمد : 7 ] أي ويتعس الذين الخ . والفاء للعطف فالمراد إتعاس بعد إتعاس ، ونظيره قوله تعالى : { وَإِيَّـٰيَ فَٱرْهَبُونِ } [ البقرة : 40 ] أو لأن حق المفسر أن يذكر عقب المفسر كالتفصيل بعد الإجمال ، وفيه مقال .