Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 48, Ayat: 21-21)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَأُخْرَىٰ } عطف على { هَـٰذِهِ } في { فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ } [ الفتح : 20 ] فكأنه قيل فعجل لكم هذه المغانم وعجل لكم مغانم أخرى وهي مغانم هوازن في غزوة حنين ، والتعجيل بالنسبة إلى ما بعد فيجوز تعدد المعجل كالابتداء بشيئين ، وقوله تعالى : { لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا } في موضع الصفة ووصفها بعدم القدرة عليها لما كان فيها من الجولة قبل ذلك لزيادة ترغيبهم فيها ، وقوله تعالى : { قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا } في موضع صفة أخرى لأخرى مفيدة لسهولة تأتيها بالنسبة إلى قدرته عز وجل بعد بيان صعوبة منالها بالنظر إلى قدرتهم . والإحاطة مجاز عن الاستيلاء التام أي قد قدر الله تعالى عليها واستولى فهي في قبض قدرته تعالى يظهر عليها من أراد ، وقد أظهركم جل شأنه عليها وأظفركم بها ، وقيل : مجاز عن الحفظ أي قد حفظها لكم ومنعها من غيركم . والتذييل بقوله سبحانه : { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَيْء قَدِيراً } أوفق بالأول ، وعموم قدرته تعالى لكونها مقتضى الذات فلا يمكن أن تتغير ولا أن تتخلف وتزول عن الذات بسبب ما كما تقرر في موضعه ، فتكون نسبتها إلى جميع المقدورات على سواء من غير اختصاص ببعض منها دون بعض وإلا كانت متغايرة بل مختلفة . وجوز كون { أُخْرَىٰ } منصوبة بفعل يفسره { قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا } مثل قضى . وتعقب بأن الإخبار بقضاء الله تعالى بعد اندراجها في جملة الغنائم الموعود بها بقوله تعالى : { وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا } [ الفتح : 20 ] ليس فيه مزيد فائدة وإنما الفائدة في بيان تعجيلها . وأورد عليه أن المغانم الكثيرة الموعودة ليست معينة ليدخل فيها الأخرى ، ولو سلم فليس المقصود بالإفادة كونها مقضية بل ما بعده فتدبر . وجوز كونها مرفوعة بالابتداء والجملة بعدها صفة وجملة { قَدْ أَحَاطَ } الخ خبرها ، واستظهر هذا الوجه أبو حيان ، وقال بعض : الخبر محذوف تقديره ثمت أو نحوه ، وجوز الزمخشري كونها مجرورة بإضمار رب كما في قوله : @ وليل كموج البحر أرخى سدوله @@ وتعقبه أبو حيان بأن فيه غرابة لأن رب لم تأت في القرآن العظيم جارة مع كثرة ورود ذلك في كلام العرب فكيف تضمر هنا ، وأنت تعلم أن مثل هذه الغرابة لا تضر . هذا وتفسير الأخرى بمغانم هوازن قد أخرجه عبد بن حميد عن عكرمة عن ابن عباس واختاره غير واحد ، وقال قتادة والحسن : هي مكة وقد حاولوها عام الحديبية ولم يدركوها فأخبروا بأن الله تعالى سيظفرهم بها ويظهرهم عليها ، وفي رواية أخرى عن ابن عباس والحسن ، ورويت عن مقاتل أنها بلاد فارس والروم وما فتحه المسلمون ، وهو غير ظاهر على تفسير المغانم الكثيرة الموعودة فيما سبق بما وعد الله تعالى به المسلمين من المغانم إلى يوم القيامة ، وأيضاً تعقبه بعضهم بأن { لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا } يشعر بتقدم محاولة لتلك البلاد وفوات دركها المطلوب مع أنه لم تتقدم محاولة . وأخرج ابن جرير ، وابن مردويه عن ابن عباس أنه قال : هي خيبر ، وروي ذلك عن الضحاك وإسحٰق وابن زيد أيضاً ، وفيه خفاء فلا تغفل .