Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 28-28)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لَئِن بَسَطتَ إِلَىَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِىَ إِلَيْكَ لأَِقْتُلَكَ } قيل : كان هابيل أقوى منه ولكن تحرج عن قتله واستسلم له خوفاً من الله تعالى لأن المدافعة لم تكن جائزة في ذلك الوقت ، وفي تلك الشريعة كما روي عن مجاهد وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : كانت بنو إسرائيل قد كتب عليهم إذا الرجل بسط يده إلى الرجل لا يمتنع منه حتى يقتله أو يدعه ، أو تحرياً لما هو الأفضل الأكثر ثواباً وهو كونه مقتولاً لا قاتلاً بالدفع عن نفسه بناءاً على جوازه إذ ذاك ، قال بعض المحققين : واختلف في هذا الآن على ما بسطه الإمام الجصاص فالصحيح من المذهب أنه يلزم الرجل دفع الفساد عن نفسه وغيره وإن أدى إلى القتل ، ولذا قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وغيره : إن المعنى في الآية لئن بسطت إليّ يدك على سبيل الظلم والابتداء لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك على وجه الظلم والإبتداء ، وتكون الآية على ما قاله مجاهد وابن جريج : منسوخة ، وهل نسخت قبل شريعتنا أم لا ؟ فيه كلام ، والدليل عليه قوله تعالى : { فَقَـٰتِلُواْ ٱلَّتِى تَبْغِى حَتَّىٰ تَفِىء } [ الحجرات : 9 ] وغيره من الآيات والأحاديث ، وقيل : إنه لا يلزم ذلك بل يجوز ، واستدل بما أخرجه ابن سعد في « الطبقات » عن خباب بن الأرت عنه صلى الله عليه وسلم أنه ذكر " فتنة القاعدة فيها خير من القائم ، والقائم فيها خير من الماشي ، والماشي فيها خير من الساعي فإن أدركت ذلك فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل " وأولوه بترك القتال في الفتنة واجتنابها وأول الحديث يدل عليه ، وأما من منع ذلك الآن مستدلاً بحديث " إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار " فقد رد بأن المراد به أن يكون كل منهما عزم على قتل أخيه وإن لم يقاتله وتقابلا بهذا القصد انتهى بزيادة . وعن السيد المرتضى أن الآية ليست من محل النزاع لأن اللام الداخلة على فعل القتل لام كي وهي منبئة عن الإرادة والغرض ، ولا شبهة في قبح ذلك أولاً وآخراً لأن المدافع إنما يحسن منه المدافعة للظالم طلباً للتخلص من غير أن يقصد إلى قتله ، فكأنه قال له : لئن ظلمتني لم أظلمك وإنما قال سبحانه : { مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِىَ } في جواب { لَئِن بَسَطتَ } للمبالغة في أنه ليس من شأنه ذلك ولا ممن يتصف به ، ولذلك أكد النفي / بالباء ولم يقل وما أنا بقاتل بل قال : { بِبَاسِطٍ } للتبري عن مقدمات القتل فضلاً عنه ، وقدم الجار والمجرور المتعلق ببسطت إيذاناً على ما قيل من أول الأمر برجوع ضرر البسط وغائلته إليه ، ويخطر لي أنه قدم لتعجيل تذكيره بنفسه المنجر إلى تذكيره بالأخوة المانعة عن القتل . وقوله تعالى : { إِنّى أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } تعليل للامتناع عن بسط يده ليقتله ، وفيه إرشاد قابيل إلى خشية الله تعالى على أتم وجه ، وتعريض بأن القاتل لا يخاف الله تعالى .