Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 58-58)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَإِذَا نَـٰدَيْتُمْ } أي دعا بعضكم بعضاً { إِلَى ٱلصَّلَوٰةِ ٱتَّخَذُوهَا } أي الصلاة ، أو المناداة إليها { هُزُواً وَلَعِباً } . أخرج البيهقي في « الدلائل » من طريق الكلبـي عن أبـي صالح عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : كان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نادى بالصلاة فقام المسلمون إليها قالت اليهود : قد قاموا لا قاموا ، فإذا رأوهم ركعاً وسجداً استهزأوا بهم وضحكوا منهم ، وأخرج ابن جرير وغيره عن السدي قال : كان رجل من النصارى بالمدينة إذا سمع المنادي ينادي أشهد أن محمداً رسول الله قال : ( حرق ) الكاذب ، فدخلت خادمه ذات ليلة بنار وهو نائم وأهله نيام فسقطت شرارة فأحرقت البيت وأحرق هو وأهله ، والكلام مسوق لبيان استهزائهم بحكم خاص من أحكام الدين بعد بيان استهزائهم بالدين على الإطلاق إظهاراً لكمال شقاوتهم { ذٰلِكَ } أي الاتخاذ المذكور { بِأَنَّهُمْ } أي بسبب أنهم { قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } فإن السفه يؤدي إلى الجهل بمحاسن الحق والهزء به ، ولو كان لهم عقل في الجملة لما اجترأوا على تلك العظيمة . قيل : وفي الآية دليل على ثبوت الأذان بنص الكتاب لا بالمنام وحده ، واعترض بأن قوله سبحانه : { وَإِذَا نَـٰدَيْتُمْ } لا يدل على الأذان اللهم إلا أن يقال : حيث ورد بعد ثبوته كان إشارة إليه فيكون تقريراً له ، قال في « الكشف » أقول فيه : إن اتخاذ المناداة هزؤاً منكر من المناكير لأنها من معروفات الشرع ، فمن هذه الحيثية دل على أن المناداة التي كانوا عليها حق مشروع منه تعالى ، وهو المراد بثبوته بالنص بعد أن ثبت ابتداءاً بالسنة ومنام عبد الله بن زيد الأنصاري الحديث بطوله ، ولا ينافيه أن ذلك كان أول ما قدموا المدينة ، والمائدة من آخر القرآن نزولاً ، وقوله : لا بالمنام وحده ليس فيه ما يدل على أن السنة غير مستقلة في الدلالة لأن الأدلة الشرعية معرفات وأمارات لا مؤثرات وموجبات ؛ وترادف المعرفات لا ينكر انتهى ، ولأبـي حيان في هذا المقام كلام لا ينبغي أن يلتفت إليه لما فيه من المكابرة الظاهرة ، وسمي الأذان مناداة لقول المؤذن فيه : حي على الصلاة حي على الفلاح .