Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 21-21)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ } من النفوس البرة والفاجرة كما هو الظاهر { مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ } وإن اختلفت كيفية السوق والشهادة حسب اختلاف النفوس عملاً أي معها ملكان أحدهما يسوقها إلى المحشر والآخر يشهد بعملها ، وروي ذلك عن عثمان رضي الله تعالى عنه وغيره ، وفي حديث أخرجه أبو نعيم في « الحلية » عن جابر مرفوعاً تصريح بأن ملك الحسنات وملك السيئات أحدهما سائق والآخر شهيد ، وعن أبـي هريرة السائق ملك الموت والشهيد النبـي صلى الله عليه وسلم وفي رواية أخرى عنه السائق ملك والشهيد العمل وكلاهما كما ترى ، وقيل : الشهيد الكتاب الذي يلقاه منشوراً ، وعن ابن عباس والضحاك السائق ملك والشهيد جوارح الإنسان ، وتعقبه ابن عطية بقوله : وهذا بعيد عن ابن عباس لأن الجوارح إنما تشهد بالمعاصي ، وقوله تعالى : { كُلُّ نَفْسٍ } يعم الصالحين . وقيل : السائق والشهيد ملك واحد والعطف لمغايرة الوصفين أي معها ملك يسوقها ويشهد عليها ، وقيل : السائق نفس الجائي والشهيد جوارحه . وتعقب بأن المعية تأباه والتجريد بعيد ، وفيه أيضاً ما تقدم آنفاً عن ابن عطية ، وقال أبو مسلم : السائق شيطان كان في الدنيا مع الشخص وهو قول ضعيف . وقال أبو حيان : ( ( الظاهر أن { سَائِقٌ وَشَهِيدٌ } اسما جنس فالسائق ملائكة موكلون بذلك والشهيد الحفظة وكل من يشهد ، ثم ذكر أنه يشهد بالخير الملائكة والبقاع ، وفي الحديث " لا يسمع مدى صوت المؤذن إنس ولا جن ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة " ) ) . و { مَّعَهَا } صفة { نَفْسٌ } أو { كُلٌّ } وما بعده / فاعل به لاعتماده أو { مَّعَهَا } خبر مقدم وما بعده مبتدأ . والجملة في موضع الصفة ، واختير كونها مستأنفة استئنافاً بيانياً لأن الأخبار بعد العلم بها أوصاف ومضمون هذه الجملة غير معلوم فلا تكون صفة إلا أن يدعي العلم به . وأنت تعلم أن ما ذكر غير مسلم . وقال الزمخشري : ( ( محل { مَّعَهَا سَائِقٌ } النصب على الحال من { كُلٌّ } لتعرفه بالإضافة إلى ما هو في حكم المعرفة ) ) ، فإن أصل ( كل ) أن يضاف إلى الجمع كأفعل التفضيل فكأنه قيل : كل النفوس يعني أن هذا أصله وقد عدل عنه في الاستعمال للتفرقة بين كل الإفرادي والمجموعي ، ولا يخفى أن ما ذكره تكلف لا تساعده قواعد العربية ، وقد قال عليه في « البحر » : إنه كلام ساقط لا يصدر عن مبتدئ في النحو . ثم إنه لا يحتاج إليه فإن الإضافة للنكرة تسوغ مجيء الحال منها ، وأيضاً { كُلٌّ } تفيد العموم وهو من المسوغات كما في « شرح التسهيل » . وقرأ طلحة { محا سائق } بالحاء مثقلة أدغم العين في الهاء فانقلبتا حاء كما قالوا : ذهب محم يريدون معهم .