Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 53, Ayat: 6-6)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ذُو مِرَّةٍ } ذو حصافة واستحاكم في العقل كما قال بعضهم ، فكأن الأول وصف بقوّة الفعل ، وهذا وصف بقوّة النظر والعقل لكن قيل : إن ذاك بيان لما وضع له اللفظ فإن العرب تقول لكل قوي العقل والرأي : ذُو مرّة من أمررت الحبل إذا أحكمت فتله ، وإلا فوصف الملك بمثله غير ظاهر فهو كناية عن ظهور الآثار البديعة ، وعن سعيد بن المسيب : ذو حكمة لأن كلام الحكماء متين ، وروى الطستي أن نافع بن الأزرق سأل ابن عباس عنه فقال : ذو شدة في أمر الله عز وجل واستشهد له ، وحكى الطيبـي عنه أنه قال : ذو منظر حسن واستصوبه الطبري ، وفي معناه قول مجاهد : ذو خلق حسن ، وهو في قوله صلى الله عليه وسلم : " لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سويّ " بمعنى ذي قوة ، وفي « الكشف » إن المِرّة لأنها في الأصل تدل على المرة بعد المرة تدل على زيادة القوة فلا تغفل . { فَٱسْتَوَىٰ } أي فاستقام على صورته الحقيقية التي خلقه الله تعالى عليها وذلك عند حراء في مبادي النبوة " وكان له عليه الصلاة والسلام كما في حديث أخرجه الإمام أحمد وعبد بن حميد وجماعة عن ابن مسعود ستمائة جناح كل جناح منها يسد الأفق " فالاستواء هٰهنا بمعنى اعتدال الشيء في ذاته كما قال الراغب ، وهو المراد بالاستقامة لا ضد الاعوجاج ، ومنه استوى الثمر إذا نضج . وفي الكلام على ما قال الخفاجي : طي لأن وصفه عليه السلام بالقوة وبعض صفات البشر يدل على أن النبـي صلى الله عليه وسلم رآه في غير هيئته الحقيقية وهذا تفصيل لجواب سؤال مقدر كأنه قيل : فهل رآه على صورته الحقيقية ؟ فقيل : نعم رآه فاستوى الخ . وفي « الإرشاد » أنه عطف على { عَلَّمَهُ } بطريق التفسير فإنه إلى قوله تعالى : { مَا أَوْحَىٰ } [ النجم : 10 ] بيان لكيفية التعليم ، وتعقب بأن الكيفية غير منحصرة فيما ذكر ، ومن هنا قيل : إن الفاء للسببية فإن تشكله عليه السلام بشكله يتسبب عن قوته وقدرته على الخوارق أو عاطفة على { عَلَّمَهُ } على معنى علمه على غير صورته الأصلية ، ثم استوى على صورته الأصلية وتعقب بأنه لا يتم به التئام الكلام ويحسن به النظام ، وقيل : / استوى بمعنى ارتفع والعطف على عَلَّم ، والمعنى ارتفع إلى السماء بعد أن عَلَّمَه وأكثر الآثار تقتضي ما تقدم .