Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 55, Ayat: 31-31)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ سَنَفْرُغُ لَكُمْ } الفراغ في اللعنة يقتضي سابقة شغل والفراغ للشيء يقتضي لاحقيته أيضاً ، والله سبحانه لا يشغله شأن عن شأن فجعل انتهاء الشؤون المشار إليها بقوله تعالى : { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ } [ الرحمٰن : 29 ] يوم القيامة إلى واحد هو جزاء المكلفين فراغاً لهم على سبيل التمثيل لأن من ترك أشغاله إلى شغل واحد يقال : فرغ له وإليه فشبه حال هؤلاء وأخذه تعالى في جزائهم فحسب بحال من فرغ له ، وجازت الاستعارة التصريحية التبعية في { سَنَفْرُغُ } بأن يكون المراد سنأخذ في جزائكم فقط الاشتراك الأخذ في الجزاء فقط ، والفراغ عن جميع المهام إلى واحد في أن المعنى به ذلك الواحد ، وقيل : المراد التوفر في الانتقام والنكاية ، وذلك أن الفراغ للشيء يستعمل في التهديد كثيراً كأنه فرغ عن كل شيء لأجله فلم يبق له شغل غيره فيدل على التوفر المذكور ، وهو كناية فيمن يصح عليه ، ومجاز في غير كالذي نحن فيه ، ولعل مراد ابن عباس والضحاك بقولهما كما أخرج ابن جرير عنهما هذا وعيد من الله تعالى لعباده ما ذكر ، والخطاب عليه قيل : للمجرمين ، وتعقب بأن النداء الآتي يأباه ، نعم المقصود بالتهديد هم ، وقيل : لا مانع من تهديد الجميع ، ثم إن هذا التهديد إنما هو بما يكون يوم القيامة ، وقول ابن عطية : يحتمل أن يكون ذلك توعداً بعذاب الدنيا مما لا يكاد يلتفت إليه ، وقيل : إن فرغ يكون بمعنى قصد ، واستدل عليه بما أنشده ابن الأنباري لجرير : @ ألان وقد ( فرغت ) إلى نمير فهذا حين كنت لهم عذاباً @@ أي قصدت ، وأنشد النحاس : @ فرغت إلى العبد المقيد في الحجل @@ وفي الحديث " لأتفرغن لك يا خبيث " قال صلى الله عليه وسلم مخاطباً به أزب العقبة يوم بيعتها أي لأقصدن إبطال أمرك ، ونقل هذا عن الخليل والكسائي والفراء . والظاهر أنهم حملوا ما في الآية على ذلك ، فالمراد حينئذ تعلق الإرادة تعلقاً تنجيزياً بجزائهم . وقرأ حمزة والكسائي وأبو حيوة وزيد بن علي سيفرغ بياء الغيبة ، وقرأ قتادة والأعرج { سنفرغ } بنون العظمة وفتح الراء مضارع فرغ بكسرها وهو لغة تميم كما أن { سنفرغ } في قراءة الجمهور مضارع فرغ بفتحها لغة الحجاز ، وقرأ أبو السمال وعيسى { سنفرغ } بكسر النون وفتح الراء وهي على ما قال أبو حاتم لغة سفلى مضر ، وقرأ الأعمش وأبو حيوة بخلاف عنهما وابن أبـي عبلة والزعفراني / سيفرغ بضم الياء وفتح الراء مبنياً للمفعول ؛ وقرأ عيسى أيضاً { سنفرغ } بفتح النون وكسر الراء ، والأعرج أيضاً سيفرغ بفتح الياء والراء وهي لغة ، وقرىء ( سأفرغ ) بهمزة المتكلم وحده ، وقرأ أبـيّ { سنفرغ إليكم } عداه بإلى فقيل : للحمل على القصد ، أو لتضمينه معناه أي : سنفرغ قاصدين إليكم . { أَيُّهَ ٱلثَّقَلاَنِ } هما الإنس والجن من ثقل الدابة وهو ما يحمل عليها جعلت الأرض كالحمولة والإنس والجن ثقلاها ، وما سواهما على هذا كالعلاوة ، وقال غير واحد : سميا بذلك لثقلهما على الأرض ، أو لرزانة رأيهما وقدرهما وعظم شأنهما . ويقال لكل عظيم القدر مما يتنافس فيه : ثقل ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي " وقيل : سميا بذلك لأنهما مثقلان بالتكليف ، وعن الحسن لثقلهما بالذنوب .