Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 56, Ayat: 10-10)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله تعالى : { وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلسَّـٰبِقُونَ } هو الصنف الثالث من الأزواج الثلاثة ، ولعل تأخير ذكرهم مع كونهم أسبق الأصناف وأقدمهم في الفضل ليردف ذكرهم ببيان محاسن أحوالهم على أن إيرادهم بعنوان السبق مطلقاً معرب عن إحرازهم قصب السبق من جميع الوجوه . واختلف في تعيينهم فقيل : هم الذين سبقوا إلى الإيمان والطاعة عند ظهور الحق من غير تلعثم وتوان ، وروي هذا عن عكرمة ومقاتل ، وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت في حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النجار الذي ذكر في يس وعليّ بن أبـي طالب كرم الله تعالى وجهه وكل رجل منهم سابق أمته وعليّ أفضلهم ، وقيل : هم الذين سبقوا في حيازة الكمالات من العلوم اليقينية ومراتب التقوى الواقعة بعد الإيمان ، وقيل : هم الأنبياء عليهم السلام لأنهم مقدموا أهل الأديان ، وقال ابن سيرين : هم الذين صلوا إلى القبلتين كما قال تعالى : { وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَـٰجِرِينَ وَٱلأَنْصَـٰرِ } [ التوبة : 100 ] وعن ابن عباس هم السابقون إلى الهجرة ، وعن عليّ كرم الله تعالى وجهه هم السابقون إلى الصلوات الخمس ، وأخرج أبو نعيم والديلمي عن ابن عباس مرفوعاً « أول من يهجر إلى المسجد وآخر من يخرج منه » . وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عبادة بن أبـي سودة مولى عبادة بن الصامت قال : بلغنا أنهم السابقون إلى المساجد والخروج في سبيل الله عز وجل ، وعن الضحاك هم السابقون إلى الجهاد ، وعن ابن جبير هم السابقون إلى التوبة وأعمال البر ، وقال كعب : هم أهل القرآن ، وفي « البحر » في الحديث " سئل عن السابقين فقال : هم الذين إذا أعطوا الحق قبلوه وإذا سئلوه بذلوه وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم " ، وقيل : الناس ثلاثة فرجل ابتكر الخير في حداثة سنه ثم دام عليه حتى خرج من الدنيا فهذا هو السابق ، ورجل ابتكر عمره بالذنب وطول الغفلة ثم تراجع بتوبته فهذا صاحب اليمين ، ورجل ابتكر الشر في حداثة سنه ثم لم يزل عليه حتى خرج من الدنيا فهذا صاحب الشمال ، وعن ابن كيسان أنهم المسارعون إلى كل ما دعا الله تعالى إليه ورجحه بعضهم بالعموم ، وجعل ما ذكر في أكثر الأقوال من باب التمثيل . وأياً ما كان فالشائع أن الجملة مبتدأ وخبر والمعنى والسابقون هم الذين اشتهرت أحوالهم وعرفت فخامتهم كقوله : @ أنا أبو النجم وشعري شعري @@ وفيه من تفخيم شأنهم والإيذان بشيوع فضلهم ما لا يخفى ، وقيل : متعلق السبق مخالف لمتعلق السبق الثاني أي السابقون إلى طاعة الله تعالى السابقون إلى رحمته سبحانه ، أو السابقون إلى الخير السابقون إلى الجنة ، والتقدير الأول محكي عن صاحب « المرشد » . وأنت تعلم أن الحمل مفيد بدون ذلك كما سمعت بل هو أبلغ وأنسب بالمقام وأياً ما كان فقوله تعالى : { أُوْلَـئِكَ ٱلْمُقَرَّبُونَ } .