Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 57, Ayat: 28-28)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } استظهر أبو حيان كون الخطاب لمن آمن من أمته صلى الله عليه وسلم غير أهل الكتاب ، والآثار تؤيد ذلك ، أخرج الطبراني في « الأوسط » عن ابن عباس وابن أبـي حاتم عن سعيد بن جبير قالا : إن أربعين من أصحاب النجاشي قدموا على النبـي صلى الله عليه وسلم فشهدوا معه أُحُداً فكانت فيهم جراحات ولم يقتل منهم أَحَدٌ فلما رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة قالوا : يا رسول الله إنا أهل ميسرة فأذن لنا نجيء بأموالنا نواسي بها المسلمين فأنزل الله تعالى فيهم : { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ } [ القصص : 52 ] إلى قوله سبحانه : { أُوْلَٰئِكَ يُؤْتُونَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُواْ } [ القصص : 54 ] فجعل لهم أجرين فلما نزلت هذه الآية قالوا : يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابكم فله أجران ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم فأنزل الله تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } الآية أي راداً عليهم قولهم : ومن لم يؤمن بكتابكم فله أجر كأجوركم . وفي « الكشاف » إن قائل ذلك من لم يكن آمن من أهل الكتاب قالوه حين سمعوا تلك الآية يفخرون به على المسلمين ، والمعنى يا أيها الذين اتصفوا بالإيمان . { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أثبتوا على تقواه عز وجل فيما نهاكم عنه . { وَءامِنُواْ بِرَسُولِهِ } واثبتوا على الإيمان برسوله الذي أرسله إليكم وهو محمد صلى الله عليه وسلم ، وفي التعبير عنه بذلك ما لا يخفى من الدلالة على جلالة قدره عليه الصلاة والسلام { يُؤْتِكُمْ } بسبب ذلك . { كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ } قال أبو موسى الأشعري : ضعفين بلسان الحبشة ، وقال غير واحد : نصيبين ، والمراد إيتاؤهم أجرين كمؤمني أهل الكتاب كأنه قيل : يؤتكم ما وعد من آمن من أهل الكتاب من الأجرين لأنكم مثلهم في الإيمان بالرسل المتقدمين وبخاتمهم صلى الله عليه وسلم عليهم أجمعين لا تفرقون بين أحد من رسله . وقال الراغب : الكفل الحظ الذي فيه الكفاية كأنه تكفل بأمره ، والكفلان هما المرغوب فيهما بقوله تعالى : { رَبَّنَا ءاتِنَا فِى ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي ٱلأَخِرَةِ حَسَنَةً } [ البقرة : 201 ] ولا دلالة على تخصيص { وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ } يوم القيامة وهو النور المذكور في قوله تعالى : { يَسْعَىٰ نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَـٰنِهِم } [ الحديد : 12 ] { وَيَغْفِرْ لَكُمْ } ما سلف منكم { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } أي مبالغ في المغفرة والرحمة فلا بدع إذا فعل سبحانه ما فعل .