Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 19-19)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } أي غلب على عقولهم بوسوسته وتزيينه حتى اتبعوه فكان مستولياً عليهم ، وقال الراغب : الحَوْذُ أن يتبع السائق حَاذَيْ البعير أي أدبار فخذيه فيعنف في سَوْقه يقال : حاذ الإبل يحوذها أي ساقها / سوقاً عنيفاً ، وقوله تعالى : { ٱسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ ٱلشَّيْطَـٰنُ } أي استقاهم مستولياً عليهم ، أو من قولهم : استحوذ العير على الأتان أي استولى على حَاذَيْهَا أي جانبـي ظهرها اهـ . وصرح بعض الأجلة أن الحَوْذَ في الأصل السَّوْقُ والجمع ، وفي « القاموس » تقييد السوق بالسريع ثم أطلق على الاستيلاء ، ومثله الإحواذ والأحوذي ، وهو كما قال الأصمعي : المشمر في الأمور القاهر لها الذي لا يشذ عنه منها شيء ، ومنه قول عائشة في عمر رضي الله تعالى عنهما كان أحوذياً نسيج وحده مأخوذ من ذلك ، واستحوذ مما جاء على الأصل في عدم إعلاله على القياس إذ قياسه استحاذ بقلب الواو ألفاً كما سمع فيه قليلاً ، وقرأ به هنا أبو عمرو فجاء مخالفاً للقياس كاستنوق واستصوب وإن وافق الاستعمال المشهور فيه ، ولذا لم يخل استعماله بالفصاحة ، وفي استفعل هنا من المبالغة ما ليس في فعل . { فَأَنسَـٰهُمْ ذِكْرَ ٱللَّهِ } في معنى لم يمكنهم من ذكره عز وجل بما زين لهم من الشهوات فهم لا يذكرونه أصلاً لا بقلوبهم ولا بألسنتهم { أُوْلَـٰئِكَ } الموصوفون بما ذكر من القبائح { حِزْبُ الشَّيْطَـٰنِ } أي جنوده وأتباعه . { أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَـٰنِ هُمُ الخَـٰسِرُونَ } أي الموصوفون بالخسران الذي لا غاية وراءه حيث فوّتوا على أنفسهم النعيم المقيم وأخذوا بدله العذاب الأليم . وفي تصدير الجملة بحرفي التنبيه والتحقيق وإظهار المتضايفين معاً في موقع الإضمار بأحد الوجهين ، وتوسيط ضمير الفصل من فنون التأكيد ما لا يخفى .