Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 59, Ayat: 18-18)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } في كل ما تأتون وتذرون { وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } أي أيّ شيء قدمت من الأعمال ليوم القيامة عبر عنه بذلك لدنوه دنو الغد من أمسه ، أو لأن الدنيا كيوم والآخرة غده يكون فيها أحوال غير الأحوال السابقة . وتنكيره لتفخيمه وتهويله كأنه قيل : لغد لا يعرف كنهه لغاية عظمه ، وأما تنكير { نَفْسٌ } فلاستقلال الأنفس النواظر كأنه قيل : ولتنظر نفس واحدة في ذلك ، وفيه حث عظيم على النظر وتعيير بالترك وبأن الغفلة قد عمت الكل فلا أحد خلص منها ، ومنه ظهر كما في « الكشف » أن جعله من قبيل قوله تعالى : { عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ } [ التكوير : 14 ] غير مطابق للمقام أي فهو كما في الحديث " الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة " لأن الأمر بالنظر وإن عم لكن المؤتمر الناظر أقل من القليل ، والمقصود بالتقليل هو هذا لأن المأمور لا ينظر إليه ما لم يأتمر ، وجوز ابن عطية أن يراد بغد يوم الموت ، وليس بذاك . وقرأ أبو حيوة ويحيـى بن الحرث ولتنظر بكسر اللام ، وروي ذلك عن حفص عن عاصم ، وقرأ الحسن بكسرها وفتح الراء جعلها لام كي . وكان المعنى ولكي تنظر نفس ما قدمت لغد أمرنا بالتقوى . { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } تكرير للتأكيد ، أو الأول في أداء الواجبات كما يشعر به ما بعده من الأمر بالعمل وهذا في ترك المحارم كما يؤذن به الوعيد بقوله سبحانه : { إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } أي من المعاصي ، وهذا الوجه الثاني أرجح لفضل التأسيس على التأكيد ، وفي ورود الأمرين مطلقين من الفخامة ما لا يخفى ، وقيل : إن التقوى شاملة لترك ما يؤثم ولا وجه وجيه للتوزيع والمقام مقام الاهتمام بأمرها ، فالتأكيد أولى وأقوى ، وفيه منع ظاهر ، وكيف لا والمتبادر مما قدمت أعمال الخير كذا قيل ، ولعل من يقول بالتأكيد يقول : إن قوله سبحانه : { إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ } الخ يتضمن الوعد والوعيد ويعمم ما قدمت أيضاً ، ولعلك مع هذا تميل للتأسيس .