Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 62, Ayat: 5-5)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ } أي علموها وكلفوا العمل بما فيها ، والتحميل في هذا شائع يلحق بالحقيقة ، والمراد بهم اليهود { ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا } أي لم يعملوا بما في تضاعيفها التي من جملتها الآيات الناطقة بنبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم . { كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً } أي كتباً كباراً على ما يشعر به التنكير ، وإيثار لفظ السِّفر وما فيه من معنى الكشف من العلم يتعب بحملها ولا ينتفع بها . و { يَحْمِلُ } إما حال من الحمار لكونه معرفة لفظاً والعامل فيه معنى المثل ، أو صفة له لأن تعريفه ذهني فهو معنى نكرة فيوصف بما توصف به على الأصح . ونسب أبو حيان للمحققين تعين الحالية في مثل ذلك . ووجه ارتباط الآية بما قبلها تضمنها الإشارة إلى أن ذلك الرسول المبعوث قد بعثه الله تعالى بما نعته به في التوراة وعلى ألسنة أنبياء بني إسرائيل كأنه قيل : هو الذي بعث المبشر به في التوراة المنعوت فيها بالنبـي الأمي المبعوث إلى أمة أميين ؛ مثل من جاءه نعته فيها وعلمه ثم لم يؤمن به مثل الحمار . وفي الآية دليل على سوء حال العالم الذي لا يعمل بعلمه ، وتخصيص الحمار بالتشبيه به لأنه كالعلم في الجهل ، ومن ذلك قول الشاعر : @ ذوامل للأسفار لا علم عندهم بجيدها إلا كعلم الأباعر لعمرك ما يدري البعير إذا غدا بأوساقه أوراح ما في الغرائر @@ بناءاً على نقل عن ابن خالويه أن البعير اسم من أسماء الحمار كالجمل البازل . وقرأ يحيـى بن يعمر وزيد بن علي { حُمّلُواْ } مبنياً للفاعل ، وقرأ عبد الله حمار بالتنكير ، وقرىء { يَحْمِلُ } بشد الميم مبنياً للمفعول . { بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِ ٱللَّهِ } أي بئس مثل القوم مثل الذين كذبوا ، فحذف المضاف وهو المخصوص بالذم وأقيم المضاف إليه مقامه ، ويجوز أن يكون { ٱلَّذِينَ } صفة { ٱلْقَوْمِ } ، والمخصوص محذوف أي بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله هو ، والضمير راجع إلى { مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ } ، وظاهر كلام « الكشاف » أن المخصوص هو { مَثَلُ } المذكور ، والفاعل مستتر يفسره تمييز محذوف ، والتقدير بئس مثلاً مثل القوم الخ . وتعقب بأن سيبويه نص على أن التمييز الذي يفسر الضمير المستتر في باب نعم لا يجوز حذفه ولو سلم جوازه فهو قليل . وأجيب بأن ذاك تقرير لحاصل المعنى وهو أقرب لاعتبار الوجه الأول ، وكان قول ابن عطية التقدير بئس المثل مثل القوم من ذلك الباب ، وإلا ففيه حذف الفاعل ، وقد قالوا بعدم جوازه إلا في مواضع ليس هذا منها . { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلْظَّـٰلِمِينَ } أي الواضعين للتكذيب في موضع التصديق ، أو الظالمين لأنفسهم بتعريضها للعذاب الخالد بسبب التكذيب .