Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 65, Ayat: 4-4)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱللاَّئِى يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ } أي المحيض وقرىء ييأسن مضارعاً { مّن نِّسَائِكُمْ } لكبرهن ، وقد قدر بعضهم سن اليأس بستين سنة ، وبعضهم بخمس وخمسين ، وقيل : هو غالب سن يأس عشيرة المرأة ، وقيل غالب سن يأس النساء في مكانها التي هي فيه فإن المكان إذا كان طيب الهواء والماء كبعض الصحاري يبطىء فيه سن اليأس ، وقيل : أقصى عادة امرأة في العالم ، وهذا القول بالغ درجة اليأس من أن يقبل . { إِنِ ٱرْتَبْتُمْ } أي إن شككتم وترددتم في عدتهن ، أو إن جهلتم عدتهن { فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَـٰثَةُ أَشْهُرٍ } أخرج الحاكم وصححه والبيهقي في « سننه » وجماعة عن أبـي بن كعب / أن ناساً من أهل المدينة لما نزلت هذه الآية التي في البقرة في عدة النساء قالوا : لقد بقي من عدة النساء عدد لم تذكر في القرآن : الصغار والكبار اللاتي قد انقطع عنهن الحيض وذوات الحمل ، فأنزل الله تعالى في سورة النساء القصرى { وَٱللاَّئِى يَئِسْنَ } الآية ، وفي رواية أن قوماً منهم أبـي بن كعب وخلاد بن النعمان لما سمعوا قوله تعالى : { وَٱلْمُطَلَّقَـٰتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَـٰثَةَ قُرُوء } [ البقرة : 228 ] قالوا : يا رسول الله فما عدة من لا قرء لها من صغر أو كبر ؟ فنزل { وَٱللاَّئِى يَئِسْنَ } الخ ، فقال قائل : فما عدة الحامل ؟ فنزل { وَأُوْلَـٰتُ ٱلأَحْمَالِ } الخ . ويعلم مما ذكر أن الشرط هنا لا مفهوم له عند القائلين بالمفهوم ، لأنه بيان للواقعة التي نزل فيها من غير قصد للتقييد ، وتقدير متعلق الارتياب ما سمعت هو ما أشار إليه الطبري وغيره ، وقيل : إن ارتبتم في دم البالغات مبلغ اليأس أهو دم حيض أو استحاضة فعدتهن الخ ، وإذا كانت هذه عدة المرتاب بها فغير المرتاب بها أولى بذلك ، وقال الزجاج : المعنى إن ارتبتم في حيضهن وقد انقطع عنهن الدم وكن ممن يحيض مثلهن ، وقال مجاهد : الآية واردة في المستحاضة أطبق بها الدم لا تدري أهو دم حيض أو دم علة ، وقيل : { إِنِ ٱرْتَبْتُمْ } أي إن تيقنتم إياسهن ، والارتياب من الأضداد والكل كما ترى . والموصول قالوا : إنه مبتدأ خبره جملة { فَعِدَّتُهُنَّ } الخ ، { وَإِنْ ٱرْتَبْتُمْ } شرط جوابه محذوف تقديره فاعلموا أنها ثلاثة أشهر ، والشرط وجوابه جملة معترضة ، وجوز كون { فَعِدَّتُهُنَّ } الخ جواب الشرط باعتبار الإعلام والإخبار كما في قوله تعالى : { وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ } [ النحل : 53 ] والجملة الشرطية خبر من غير حذف وتقدير . وقوله تعالى : { وَٱللَّـٰتِي لَمْ يَحِضْنَ } مبتدأ خبره محذوف أي واللائي لم يحضن كذلك أو عدتهن ثلاثة أشهر ، والجملة معطوفة على ما قبلها ، وجوز عطف هذا الموصول على الموصول السابق وجعل الخبر لهما من غير تقدير ، والمراد باللائي لم يحضن الصغار اللائي لم يبلغن سن الحيض . واستظهر أبو حيان شموله من لم يحضن لصغر ومن لا يكون لهن حيض البتة كبعض النساء يعشن إلى أن يمتن ولا يحضن ، ومن أتى عليها زمان الحيض وما بلغت به ولم تحض ، ثم قال : وقيل : هذه تعتدّ سنة . { وَأُوْلَـٰتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ } أي منتهى عدتهن { أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } ولو نحو مضغة وعلقة ، ولا فرق في ذلك بين أن يكن مطلقات أو متوفى عنهن أزواجهن كما روي عن عمر وابنه ، فقد أخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق وابن أبـي شيبة وابن المنذر عن ابن عمر أنه سئل عن المرأة يتوفى عنها زوجها وهي حامل فقال : إذا وضعت حملها فقد حلت فأخبره رجل من الأنصار أن عمر بن الخطاب قال : لو ولدت وزوجها على سريره لم يدفن لحلت ، وعن ابن مسعود فقد أخرج عنه أبو داود والنسائي وابن ماجه أنه قال : من شاء لاعنته أن الآية التي في سورة النساء القصرى { وَأُوْلَـٰتُ ٱلأَحْمَالِ } الخ نزلت بعد سورة البقرة بكذا وكذا شهراً وكل مطلقة أو متوفى عنها زوجها فأجلها أن تضع حملها ، وفي رواية ابن مردويه عن أبـي سعيد الخدري بسبع سنين ولعله لا يصح ، وعن أبـي هريرة وأبـي مسعود البدري وعائشة وإليه ذهب فقهاء الأمصار وروي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أخرج عبد بن حميد في « زوائد المسند » وأبو يعلى والضياء في « المختارة » وابن مردويه عن أبـيّ بن كعب قال : قلت للنبـي صلى الله عليه وسلم : { وَأُوْلَـٰتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } أهي المطلقة ثلاثاً والمتوفى عنها ؟ قال : " هي المطلقة ثلاثاً والمتوفى عنها " وروى جماعة نحوه / عنه من وجه آخر ، وصح أن سبيعة بنت الحرث الأسلمية كانت تحت سعد بن خولة فتوفى عنها في حجة الوداع وهي حامل فوضعت بعد وفاته بثلاثة وعشرين يوماً ، وفي رواية بخمس وعشرين ليلة ، وفي أخرى بأربعين ليلة فاختضبت وتكحلت وتزينت تريد النكاح فأنكر ذلك عليها فسئل النبـي صلى الله عليه وسلم فقال : " إن تفعل فقد خلا أجلها " وذهب علي كرم الله تعالى وجهه وابن عباس رضي الله تعالى عنهما إلى أن الآية في المطلقات ، وأما المتوفى عنها زوجها فعدتها آخر الأجلين ، وهو مذهب الإمامية كما في « مجمع البيان » . وعلى ما تقدم فالآية ناسخة لقوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوٰجًا يَتَرَبَّصْنَ } [ البقرة : 234 ] الآية على رأي أصحاب أبـي حنيفة ومن وافقهم من الشافعية لأن العام المطلق المتأخر ناسخ عندهم فأولى أن يكون العام من وجه كذلك ، وأما من لم يذهب إليه فمن لم يجوز تأخير بيان العام قال بالنسخ أيضاً لأن العام الأول حينئذ مراد تناوله لأفراده ، وفي مثله لا خلاف في أن الخاص المتراخي ناسخ بقدره لا مخصص ، ومن جوز ذهب إلى التخصيص بناءاً على أن التي في القصرى أخص مطلقاً ، ووجهه أنه ذكر في البقرة حكم المطلقات من النساء وحكم المتوفى عنهن الأزواج على التفريق ، ثم وردت هذه مخصصة في البابين لشمول لفظ الأجل العدتين ، وخصوص أولات الأحمال مطلقاً بالنسبة إلى الأزواج ، وهذا كما يقول القائل : هندية الموالي لهم كذا وتركيتهم لهم كذا لجنس آخر ، ثم يقول : والكهول منهم لهم دون ذلك أو فوقه أو كذا مريداً صنفاً آخر يكون الأخير مخصصاً للحكمين ، ولا نظر إلى اختلاف العطايا لشمول اللفظ الدال على الاختصاص وخصوص الكهول من الموالي مطلقاً كذلك فيما نحن فيه لا نظر إلى اختلاف العدتين لشمول لفظ الأجل ، وخصوص أولات الأحمال بالنسبة إلى الأزواج مطلقاً ، وإن شئت فقل : بالنسبة إلى المطلقات والمتوفى عنهن رجالهن مطلقاً فلا فرق قاله في « الكشف » ثم قال : ومن ذهب إلى أبعد الأجلين احتج بأن النصين متعاضدان لأن بينهما عموماً وخصوصاً من وجه ولا وجه للإلغاء فيلزم الجمع ، وفي القول بذلك يحصل الجمع لأن مدة الحمل إذا زادت فقد تربصت أربعة أشهر وعشراً مع الزيادة وإن قصرت وتربصت المدة فقد وضعت وتربصت فيحصل العمل بمقتضى الآيتين ، والجواب أنه إلغاء للنصين لا جمع إذ المعتبر الجمع بين النصين لا بين المدتين وذلك لفوات الحصر والتوقيت الذي هو مقتضى الآيتين اهـ فتدبر . وقرأ الضحاك أحمالهن جمعاً . { وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ } في شأن أحكامه تعالى ومراعاة حقوقها { يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } بأن يسهل عز وجل أمره عليه ، وقيل : اليسر الثواب { وَمِنْ } قيل : للبيان قدم على المبين للفاصلة ، وقيل : بمعنى في ، وقيل : تعليلية .