Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 149-149)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلَمَّا سُقِطَ فَى أَيْدِيهِمْ } أي ندموا كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، وجعله غير واحد كناية عن شدة الندم وغايته لأن النادم إذا اشتد ندمه عض يده غماً فتصير يده مسقوطاً فيها ، وأصله سقط فوه أو عضه في يده أي وقع ثم حذف الفاعل وبنى الفعل للمفعول به فصار سقط في يده كقولك : مر بزيد ، وقرأ ابن السميقع { سقط } بالبناء للفاعل على الأصل ، واليد على ما ذكر حقيقة ، وقال الزجاج : معناه سقط الندم في أنفسهم وجعل / القطب ذلك من باب الاستعارة التمثيلية حيث شبه حال الندم في النفس بحال الشيء في اليد في التحقيق والظهور ثم عبر عنه بالسقوط في اليد ولا لطف للاستعارة التصريحية فيه ، وقال الواحدي : إنه يقال لما يحصل وإن لم يكن في اليد وقع في يده وحصل في يده مكروه فيشبه ما يحصل في النفس وفي القلب بما يرى بالعين ، وخصت اليد لأن مباشرة الأمور بها كقوله تعالى : { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } [ الحج : 10 ] أو لأن الندم يظهر أثره بعد حصوله في القلب في اليد لعضها والضرب بها على أختها ونحو ذلك فقد قال سبحانه في النادم : { فَأَصْبَحَ يُقَلّبُ كَفَّيْهِ } [ الكهف : 42 ] { وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّـٰلِمُ } [ الفرقان : 27 ] ، وقيل : من عادة النادم أن يطأطىء رأسه ويضع ذقنه على يده بحيث لو أزالها سقط على وجهه فكأن اليد مسقوط فيها ، و { فِي } بمعنى على ، وقيل : هو من السقاط وهو كثرة الخطأ ، وقيل : من السقيط وهو ما يغشى الأرض بالغدوات شبه الثلج لا ثبات له ، فهو مثل لمن خسر في عاقبته ولم يحصل على طائل من سعيه ، وعد بعضهم سقط من الأفعال التي لا تتصرف كنعم وبئس . وقرأ ابن أبـي عبلة { اسقط } على أنه رباعي مجهول وهي لغة نقلها الفراء والزجاج ، وذكر بعضهم أن هذا التركيب لم يسمع قبل نزول القرآن ، ولم تعرفه العرب ، ولم يوجد في أشعارهم وكلامهم فلذا خفي على الكثير وأخطأوا في استعماله كأبـي حاتم وأبـي نواس ، وهو العالم النحرير ولم يعلموا ذلك ولو علموه لسقط في أيديهم . { وَرَأَوْاْ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ } أي تبينوا ضلالهم باتخاذ العجل وعبادته تبيناً كأنهم قد أبصروه بعيونهم قيل : وتقديم ذكر ندمهم على هذه الرؤية مع كونه متأخراً عنها للمسارعة إلى بيانه والإشعار بغاية سرعته كأنه سابق على الرؤية . وقال القطب [ الرازي ] في بيان تأخير تبين الضلال عن الندم مع كونه سابقاً عليه : إن الانتقال من الجزم بالشيء إلى تبين الجزم بالنقيض لا يكون دفعياً في الأغلب بل إلى الشك ثم الظن بالنقيض ثم الجزم به ثم تبينه ، والقوم كانوا جازمين بأن ما هم عليه صواب والندم عليه ربما وقع لهم في حال الشك فيه فقد تأخر تبين الضلال عنه انتهى ، فافهم ولا تغفل . { قَالُواْ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا } بإنزال التوبة المكفرة { وَيَغْفِرْ لَنَا } بالتجاوز عن خطيئتنا ، وتقديم الرحمة على المغفرة مع أن التخلية حقها أن تقدم على التحلية قيل : إما للمسارعة إلى ما هو المقصود الأصلي وإما لأن المراد بالرحمة مطلق إرادة الخير بهم وهو مبدأ لإنزال التوبة المكفرة لذنوبهم ، واللام في { لَئِنْ } موطئة للقسم أي والله لئن الخ ، وفي قوله سبحانه : { لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَـٰسِرِينَ } لجواب القسم كما هو المشهور . وقرأ حمزة والكسائي { تَرْحَمْنَا وَتَغْفِرْ لَنَا } بالتاء الفوقية و { رَبَّنَا } بالنصب على النداء ؛ وما حكى عنهم من الندامة والرؤية والقول كان بعد رجوع موسى عليه السلام من الميقات كما ينطق به ما سيأتي إن شاء الله تعالى في طه [ 86 ] ، وقدم ليتصل ما قالوه بما فعلوه .