Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 163-163)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱسْأَلْهُمْ } عطف على اذكر المشار إليه فيما تقدم آنفاً ، والخطاب للنبـي صلى الله عليه وسلم ، وضمير الغيبة لمن بحضرته عليه الصلاة والسلام من نسل اليهود أي واسأل اليهود المعاصرين لك سؤال تقريع وتقرير بتقدم تجاوزهم لحدود الله تعالى ، والمراد إعلامهم بذلك لأنهم كانوا يخفونه ، وفي الإطلاع عليه مع كونه عليه الصلاة والسلام ليس / ممن مارس كتبهم أو تعلمه من علمائهم ما يقضي بأن ذلك عن وحي فيكون معجزة شاهدة عليهم { عَنِ ٱلْقَرْيَةِ } أي عن خبرها وحالها وما وقع بأهلها من ثالثة الأثافي ، والمراد بالسؤال عن ذلك ما يعم السؤال عن النفس وعن الأهل أو الكلام على تقدير مضاف ، والمراد عن حال أهل القرية ، وجوز التجوز فيها ، وهي عند ابن عباس وابن جبير أيلة قرية بين مدين والطور . وعن ابن شهاب هي طبرية ، وقيل : مدين وهي رواية عن الحبر ، وعن ابن زيد أنها مقنا بين مدين وعينونا { ٱلَّتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ } أي قريبة منه مشرفة على شاطئه { إِذْ يَعْدُونَ فِى ٱلسَّبْتِ } أي يظلمون ويتجاوزون حدود الله تعالى بالصيد يوم السبت أو بتعظيمه ، و ( إذ ) بدل من المسؤول عنه بدل اشتمال أو ظرف للمضاف المصدر ، قيل : واحتمال كونه ظرفاً لكانت أو حاضرة ليس بشيء إذ لا فائدة بتقييد الكون أو الحضور بوقت العدوان وضمير { يَعْدُونَ } للأهل المقدر أو المعلوم من الكلام ، وقيل : إلى { ٱلْقَرْيَةِ } على سبيل الاستخدام ، وقرىء { يَعْدُونَ } بمعنى يعتدون أدغمت التاء في الدال ونقلت حركتها إلى العين و { يَعْدُونَ } من الإعداد حيث كانوا يعدون آلات الصيد يوم السبت وهم منهيون عن الاشتغال فيه بغير العبادة { إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ } ظرف ليعدون أو بدل بعد بدل ، وإلى الأول ذهب أكثر المعربين ، وهو الأولى لأن السؤال عن عدوانهم أبلغ في التقريع ، وحيتان جمع حوت أبدلت الواو ياءاً لسكونها وانكسار ما قبلها كنون ونينان لفظاً ومعنى وإضافتها إليهم باعتبار أن المراد الحيتان الكائنة في تلك الناحية التي هم فيها ، وقيل : للإشعار باختصاصها بهم لاستقلالها بما لا يكاد يوجد في سائر أفراد الجنس من الخواص الخارقة للعادة ، ولا يخفى بعده { يَوْمَ سَبْتِهِمْ } ظرف لتأتيهم أي تأتيهم يوم تعظيمهم لأمر السبت ، وهو مصدر سبتت اليهود إذا عظمت يوم السبت بترك العمل والتفرغ للعبادة فيه ، وقيل : اسم لليوم والإضافة لاختصاصهم بأحكام فيه ، ويؤيد الأول قراءة عمر بن عبد العزيز { يوم أسباتهم } ، وكذا النفي الآتي { شُرَّعًا } أي ظاهرة على وجه الماء كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قريبة من الساحل ، وهو جمع شارع من شرع عليه إذا دنا وأشرف ، وفي الشرع معنى الإظهار والتبيين ، وقيل : حيتان شرع رافعة رؤسها كأنه جعل ذلك إظهاراً وتبييناً ، وقيل : المعنى متتابعة ونسب إلى الضحاك ، والظاهر أنها ظاهرة وهو نصب على الحال من الحيتان { وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ } أي لا يراعون أمر السبت وهو على حد قوله : @ على لا حب لا يهتدي بمناره @@ إذ المقصود انتفاء السبت والمراعاة . وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه { لا يسبتون } بضم حرف المضارعة من أسبت إذا دخل في السبت كأصبح إذا دخل في الصباح ، وعن الحسن أنه قرأ { لا يسبتون } على البناء للمفعول بمعنى لا يدخلون في السبت ولا يؤمرون فيه بما أمروا به يوم السبت ، وقرىء { لاَ يَسْبِتُونَ } بضم الباء والظرف متعلق بقوله سبحانه : { لاَ تَأْتِيهِمْ } أي لا تأتيهم يوم لا يسبتون كما كانت تأتيهم يوم السبت حذراً من صيدهم لاعتيادها أحوالهم وأن ذلك لمحض تقدير العزيز العليم ، وتغيير البسك حيث قدم الظرف على الفعل ولم يعكس لما أن الإتيان يوم سبتهم مظنة كما قيل : لأن يقال فماذا حالها يوم لا يسبتون ؟ فقيل : يوم لا يسبتون لا تأتيهم . { كَذٰلِكَ نَبْلُوهُم } أي نعاملهم معاملة المختبرين لهم ليظهر منهم ما يظهر فنؤاخذهم به ، وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية لاستحضار صورتها والتعجيب / منها ، والإشارة إما إلى الابتلاء السابق أو إلى الابتلاء المذكور بعد كما مر غير مرة ؛ وقيل : الإشارة إلى الإتيان يوم السبت ، وهي متصلة بما قبل أي لا تأتيهم كذلك الإتيان يوم السبت ، والكاف في موضع نصب على الحال عند الطبرسي ، وجوز أن يكون متعلقاً بمحذوف وقع صفة لمصدر مقدر أي إتياناً كائناً كذلك ، وجملة { نَبْلُوهُم } استئناف مبني على السؤال عن حكم اختلاف حال الحيتان بالاتيان تارة وعدمه أخرى { بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } أي بسبب فسقهم المستمر في كل ما يأتون ويذرون ، وهو متعلق بماعنده ، وتعلق { إِذْ يَعْدُونَ } بنبلوهم وبما يعدون على معنى نبلوهم وقت العدوان بالفسق مما لا ينبغي تخريج كتاب الله تعالى الجليل عليه .