Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 203-203)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ } من القرآن عند تراخي الوحي كما روي عن مجاهد وقتادة والزجاج ، أو بآية مقترحة كما روي عن ابن عباس والجبائي وأبـي مسلم { قَالُواْ لَوْلاَ ٱجْتَبَيْتَهَا } أي هلا جمعتها ولفقتها من عند نفسك افتراء ، أو هلا أخذتها من الله تعالى بطلب منه ، وهو تهكم منهم لعنهم الله تعالى ، ومما ذكرنا علم أن لاجتبـى معنيين جمع وأخذ ويختلف المراد حسب الاختلاف في تفسير الآية ، وعن علي بن عيسى أن الاجتباء في الأصل الاستخراج ومنه جباية الخراج ، وقيل : أصله الجمع من جبيت الماء في الحوض جمعته ، ومنه قيل للحوض جابية لجمعه الماء ، وإلى هذا ذهب الراغب ، وفي « الدر المصون » جبـى الشيء جمعه مختاراً ولذا غلب اجتبيته بمعنى اخترته . وقال الفراء يقال اجتبيت الكلام واختلقته وارتجلته إذا افتعلته من قبل نفسك وكذا اخترعته عند أبـي عبيدة ، وقال ابن زيد : هذه الأحرف تقولها العرب للكلام يبتديه الرجل لم يكن أعده قبل ذلك في نفسه ، ومن جعل الأصل شيئاً لا ينكر الاستعمال في الآخر مجازاً كما لا يخفى . { قُلْ } رداً عليهم { إِنَّمَآ أَتَّبِعُ مَا يِوحَىٰ إِلَيَّ مِن رَّبِّي } من غير أن يكون لي دخل ما في ذلك أصلاً على معنى تخصيص حاله عليه الصلاة والسلام باتباع ما يوحى إليه / بتوجيه القصر إلى نفس الفعل بالنسبة إلى مقابله الذي كلفوه إياه عليه الصلاة والسلام لا على معنى تخصيص اتباعه صلى الله عليه وسلم بما يوحى إليه بتوجيه القصر [ إلى المفعول ] بالقياس إلى مفعول آخر كما هو الشائع في موارد الاستعمال كأنه قيل : ما أفعل إلا اتباع ما يوحى إلي منه تعالى دون الاختلاف والاقتراح ، وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه الصلاة والسلام ما لا يخفى . { هَـٰذَا } إشارة إلى القرآن الجليل المدلول عليه بما يوحى إليّ { بَصَائِرُ مِن رَّبّكُمْ } أي بمنزلة البصائر للقلوب بها تبصر الحق وتدرك الصواب ، أو حجج بينة وبراهين نيرة تغني عن غيرها فالكلام خارج مخرج التشبيه البليغ ، وقد حققت ما فيه على الوجه الأتم في « الطراز المذهب » ، أو فيه مجاز مرسل حيث أطلق المسبب على السبب ، وجوز أن تكون البصائر مستعارة لإرشاد القرآن الخلق إلى إدراك الحقائق ، وهذا مبتدأ وبصائر خبره ، وجمع خبر المفرد لاشتماله على آيات وسور جعل كل منها بصيرة ، و { مِنْ } متعلقة بمحذوف وقع صفة لبصائر مفيدة لفخامتها أي بصائر كائنة منه تعالى ، والتعرض لوصف الربوبية مع الإضافة إلى ضميرهم لتأكيد وجوب الإيمان بها . وقوله سبحانه وتعالى : { وَهُدًى وَرَحْمَةٌ } عطف على { بَصَآئِرُ } ، وتنوينهما للتفخيم ، وتقديم الظرف عليهما وتعقبهما بقوله تعالى : { لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } كما قال شيخ الإسلام للإيذان بأن كون القرآن بصائر متحقق بالنسبة إلى الكل وبه تقوم الحجة على الجميع ، وأما كونه هدى ورحمة فمختص بالمؤمنين إذ هم المقتبسون من أنواره والمقتطفون من نواره ، وهذا مخالف لما يفهمه كلام البعض من أن الثلاثة للمؤمنين ، فقد قال النيسابوري في « التفسير » : إن البصائر لأصحاب عين اليقن والهدى لأرباب علم اليقين والرحمة لغيرهم من الصالحين المقلدين على أتم وجه والجميع لقوم يؤمنون ، وذكر نحو ذلك الخازن وادعى أنه من اللطائف وهو خلاف الظاهر بل لا يكاد يسلم ، وهذه الجملة على ما يظهر من تمام القول المأمور به . واحتج بالآية من لم يجوز الاجتهاد للنبـي صلى الله عليه وسلم وفيه نظر .