Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 42-42)
Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ لَّوْ كَانَ } أي ما دعوا إليه كما يدل عليه ما تقدم { عَرَضًا قَرِيبًا } أي غنماً سهل المأخذ قريب المنال ، وأصل العرض ما عرض لك من منافع الدنيا ومتاعها . وفي الحديث " الدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر " { وَسَفَرًا قَاصِدًا } أي متوسطاً بين القرب والبعد وهو من باب تامر ولابن { لاَّتَّبَعُوكَ } أي لوافقوك في النفير طمعاً في الفوز بالغنيمة ، وهذا شروع في تعديد ما صدر عنهم من الهنات قولاً وفعلاً وبيان قصور همهم وما هم عليه من غير ذلك ، وقيل : هو تقرير لكونهم متثاقلين مائلين إلى الإقامة بأرضهم ، وتعليق الاتباع بكلا الأمرين يدل على عدم تحققه عند توسط السفر فقط / { وَلَـٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ ٱلشُّقَّةُ } أي المسافة التي تقطع بمشقة . وقرأ عيسى بن عمر { بعدت } بكسر العين و { الشقة } بكسر الشين ، وبعد يبعد كعلم يعلم لغة واختص ببعد الموت غالباً ، وجاء لا تبعد للتفجع والتحسر في المصائب كما قال : @ لا يبعد الله إخواناً لنا ذهبوا أفناهم حدثان الدهر والأبد @@ { وَسَيَحْلِفُونَ } أي المتهلفون عن الغزو { بِٱللَّهِ } متعلق بسيحلفون ، وجوز أن يكون من جمة كلامهم ولا بد من تقدير القول في الوجهين أي سيحلفون عند رجوعك من غزوة تبوك بالله قائلين { لَوِ ٱسْتَطَعْنَا } أو سيحلفون قائلين بالله لو استطعنا الخ ، وقيل : لا حاجة إلى تقدير القول لأن الحلف من جنس القول وهو أحد المذهبين المشهورين ، والمعنى لو كان لنا استطاعة من جهة العدة أو من جهة الصحة أو من جهتيهما معاً حسبما عنّ لهم من التعلل والكذب { لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ } لما دعوتمونا إليه وهذا جواب القسم وجواب لو محذوف على قاعدة اجتماع القسم والشرط إذا تقدم القسم وهو اختيار ابن عصفور ، واختار ابن مالك أنه جواب { لَوْ } ولو وجوابها جواب القسم ، وقيل : إنه ساد مسد جوابـي القسم والشرط جميعاً ، والقسم على الاحتمال الأول ظاهر وأما على الثاني فلأن { لَوِ ٱسْتَطَعْنَا } في قوة { بِٱللَّهِ لَوِ ٱسْتَطَعْنَا } لأنه بيان لسيحلفون بالله وتصديق له كما قيل . واعترض القول الأخير بأنه لم يذهب إليه أحد من أهل العربية . وأجيب بأن مراد القائل أنه لما حذف جواب { لَوْ } دل عليه جواب القسم جعل كأنه ساد مسد الجوابين . وقرأ الحسن والأعمش { لَوِ ٱسْتَطَعْنَا } بضم الواو تشبيهاً لها بواو الجمع كما في قوله تعالى : { فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ } [ الجمعة : 6 ] و { ٱشْتَرَوُاْ ٱلضَّلَـٰلَةَ } [ البقرة : 16 ] وقرىء بالفتح أيضاً . { يُهْلِكُونَ أَنفُسَهُمْ } بايقاعها في العذاب ، قيل : وهو بدل من { سَيَحْلِفُونَ } واعترض بأن الهلاك ليس مرادفاً للحلف ولا هو نوع منه ، ولا يجوز أن يبدل فعل من فعل إلا أن يكون مرادفاً له أو نوعاً منه . وأجيب بأن الحلف الكاذب إهلاك للنفس ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : " اليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع " وحاصله أنهما ترادفان ادعاء فيكون بدل كل من كل ، وقيل إنه بدل اشتمال إذ الحلف سبب للإهلاك والمسبب يبدل من السبب لاشتماله عليه ، وجوز أن يكون حالاً من فاعله أي سيحلفون مهلكين أنفسهم ، وأن يكون حالاً من فاعل { لَخَرَجْنَا } جيء به على طريقة الإخبار عنهم كأنه قيل : نهلك أنفسنا أي لخرجنا [ معكم ] مهلكين أنفسنا كما في قولك : حلف ليفعلن مكان لأفعلن ولكن فيه بعد . وجوز أبو البقاء الاستئناف { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَـٰذِبُونَ } في مضمون الشرطية وفيما ادعوا ضمنا من انتفاء تحقق المقدم حيث كانوا مستطيعين للخروج ولم يخرجوا . واستدل بالآية على أن القدرة قبل الفعل .