Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 54-54)

Tafsir: Rūḥ al-maʿānī: fī tafsīr al-Qurʿān al-ʿaẓīm wa-s-sabʿ al-maṯānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَـٰتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ } وقد يراد به ما هو الكامل وهو الكفر ويكون هذا منه تعالى بياناً وتقريراً لذلك ، والاستثناء من أعم الأشياء أي ما منعهم أن تقبل نفقاتهم شيء من الأشياء إلا كفرهم ، ومنه يتعدى إلى مفعولين بنفسه وقد يتعدى إلى الثاني بحرف الجر وهو من أو عن ـ ، وإذا عدي بحرف صح أن يقال : منعه من حقه ومنع حقه منه لأنه يكون بمعنى الحيلولة بينهما والحماية ، ولا قلب فيه كما يتوهم ، وجاز فيما نحن فيه أن يكون متعدياً للثاني بنفسه وأن يقدر حرف وحذف حرف الجر مع إن وأن مقيس مطرد . وجوز أبو البقاء أن يكون { أَن تُقْبَلَ } بدل اشتمال من هم في { مَنَعَهُمْ } وهو خلاف الظاهر ، وفاعل منع ما في حيز الاستثناء ، وجوز أن يكون ضمير الله تعالى ( وأنهم كفروا ) بتقدير لأنهم كفروا . وقرأ حمزة والكسائي { يقبل } بالتحتانية لأنه تأنيث النفقات غير حقيقي مع كونه مفصولاً عن الفعل بالجار والمجرور . وقرىء { نفقتهم } على التوحيد . وقرأ السلمي { أن يقبل منهم نفقاتهم } ببناء { يقبل } للفاعل ونصب النفقات ؛ والفاعل إما ضمير الله تعالى أو ضمير الرسول عليه الصلاة والسلام بناء على أن القبول بمعنى الأخذ . { وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ } المفروضة في حال من الأحوال { إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ } أي إلا حال كونهم متثاقلين { وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَـٰرِهُونَ } الإنفاق لأنهم لا يرجون بهما ثواباً ولا يخافون على تركهما عقاباً ، وهاتان الجملتان داخلتان في حيز التعليل . واستشكل بأن الكفر سبب مستقل لعدم القبول فما وجه التعليل بمجموع الأمور الثلاثة وعند حصول السبب المستقل لا يبقى لغيره أثر . وأجاب الإمام بأنه ( ( إنما يتوجه على المعتزلة القائلين بأن الكفر لكونه كفراً يؤثر في هذا الحكم وأما على أهل السنة فلا لأنهم يقولون : هذه الأسباب معرفات غير موجبة للثواب ولا للعقاب واجتماع المعرفات الكثيرة على الشيء الواحد محال ، والقول بأنه إنما جيء بهما لمجرد الذم وليستا داخلتين في حيز التعليل وإن كان يندفع به الإشكال على رأي المعتزلة خلاف الظاهر كما لا يخفى ) ) . { فَإن قِيلَ } الكراهية خلاف الطواعية وقد جعل هؤلاء المنافقون فيما تقدم طائعين ووصفوا هٰهنا بأنهم لا ينفقون إلا وهم كارهون وظاهر ذلك المنافاة . أجيب بأن المراد بطوعهم أنهم يبذلون من غير إلزام من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أنهم يبذلون رغبة فلا منافاة . وقال بعض المحققين في ذلك : إن قوله سبحانه : { أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً } [ التوبة : 53 ] لا يدل على أنهم ينفقون طائعين بل غايته أنه ردد حالهم بين الأمرين وكون الترديد ينافي القطع محل نظر ، كما إذا قلت : إن أحسنت أو أسأت لا أزورك مع أنه لا يحسن قطعاً ، ويكون الترديد لتوسع الدائرة وهو متسع الدائرة .