Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 10, Ayat: 72-72)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الفاء لتفريع الكلام على الكلام فجملة الشرط وجوابه مفرعتان على الجملتين السابقتين ، ولما كان توليهم عن دعوته قد وقع واستمر تعين أن جعل التولي في جملة الشرط مرادٌ به ما كان حصل ليرتب عليه جواب الشرط الذي هو شيء قد وقع أيضاً . وإنما قُصد إقرارهم به قطعاً لتعللاتهم واستقصاء لقطع معاذيرهم . والمعنى فإن كنتم قد توليتم فقد علمتُم أني ما سألتكم أجراً فتتهموني برغبة في نفع ينجر لي من دعوتكم حتى تعرضوا عنها شُحَّا بأموالكم أو اتهاماً بتكذيبي ، وهذا إلزام لهم بأن توليهم لم يكن فيه احتمال تهمتهم إياه بتطلب نفع لنفسه . وبذلك برّأ نفسه من أن يكون سبباً لتولّيهم ، وبهذا تعين أن المعلق بهذا الشرط هو التحقق بين مضمون جملة الشرط وجملة الجزاء لا وقوعُ جملة الجزاء عند وقوع جملة الشرط . وذلك مثل قوله تعالى { إن كنت قلته فقد علِمتَه } في آخر سورة العقود 116 . وقد تقدم عند قوله تعالى { وإنْ كان طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به ، وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننا } في سورة الأعراف 87 . وجملة { إن أجري إلا على الله } تعميم لنفي تطلبه أجراً على دعوتهم سواء منهم أم من غيرهم ، فالقصر حقيقي وبه يحصل تأكيد جملة { فما سألتكم من أجر } مع زيادة التعميم . وطريقُ جزمه بأن الله يؤجره على ذلك هو وعد الله إياه به بما أوحى إليه . وأتى بحرف على المفيد لكونه حقاً له عند الله بناء على وعد الله إيَّاه وأعلمه بأن الله لا يخلف وعده ، فصار بالوعد حقاً على الله التزم الله به . والأجر العوض الذي يعطى لأجل عمل يعمله آخذ العوض . وجملة { وأمرت أن أكون من المسلمين } معطوفة على جملة الجواب ، والتقدير فإن توليتم فأمرت أن أكون من المسلمين ، أي أمرني الله أن أتبع الدين الحق ولو كنت وحدي . وهذا تأييس لهم بأن إجماعهم على التولي عنه لا يفل حده ولا يصده عن مخالفة دينهم الضلال . وبُني فعل { أمرت } للمجهول في اللفظ للعلم به ، إذ من المعلوم من سياق الكلام أنّ الذي أمره هو الله تعالى . وقوله { أن أكون من المسلمين } أي من الفئة التي يصدق عليها هذا الوصف وهو الإسلام ، أي توحيد الله دون عبادة شريك ، لأنه مشتق من إسلام العبادة وتخليصها لله تعالى دون غيره . كما في قوله تعالى { فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعنِ } آل عمران 20 . وقد سمي التوحيد ودين الحق الخالص إسلاماً في مختلف العصور وسمَّى الله به سُنن الرسل فحكاه عن نوح عليه السلام هنا وعن إبراهيم بقوله تعالى { إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين } البقرة 131 ، وعن إسماعيل { ربنا واجعلنا مُسْلِمَين لك } البقرة 128 ، ويعقوب وبنيه إذ حكى عنهم { ونحن له مسلمون } البقرة 133 ، وعن يوسف { توفني مسلماً } يوسف 101 ، وعن موسى { وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين } يونس 8 ، وعن سليمان { أن لا تعلوا علي وأتوني مسلمين } النمل 31 ، وعن عيسى والحواريين { قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون } المائدة 111 . وقد تقدم بيان ذلك مفصلاً عند قوله تعالى { ربنا واجعلنا مسلمين لك } في سورة البقرة 128 . وقوله { أن أكون من المسلمين } أقوى في الدلالة على الاتصاف بالإسلام من أن أكون مسلماً ، كما تقدم عند قوله تعالى { واركعوا مع الراكعين } في سورة البقرة 43 ، وعند قوله { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } في سورة براءة 119