Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 101, Ayat: 1-3)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الافتتاح بلفظ { القارعة } افتتاح مهول ، وفيه تشويق إلى معرفة ما سيخبر به . وهو مرفوع إما على الابتداء و { ما القارعة } خبره ويكون هناك منتهى الآية . فالمعنى القارعة شيء عظيم هي . وهذا يجري على أن الآية الأولى تنتهى بقوله { ما القارعة } . وإمّا أن تكون { القارعة } الأولُ مستقلاً بنفسه ، وعُدّ آية عند أهل الكوفة فيقدر خبرٌ عنه محذوف نحو القارعة قريبة ، أو يقدر فعل محذوف نحو أتتْ القارعة ، ويكون قوله { ما القارعة } استئنافاً للتهويل ، وجُعل آية ثانية عند أهل الكوفة ، وعليه فالسورة مسمطة من ثلاث فواصل في أولها وثلاث في آخرها وفاصلتين وسطها . وإعادة لفظ { القارعة } إظهار في مقام الإِضمار عدل عَنْ أن يقال القارعة ماهِيهْ ، لما في لفظ القارعة من التهويل والترويع ، وإعادة لفظ المبتدأ أغنت عن الضمير الرابط بين المبتدأ وجملة الخبر . والقارعة وصف من القرع وهو ضرب جسم بآخر بشدة لها صوت . وأطلق القرع مجازاً على الصوت الذي يتأثر به السامع تأثُّر خوف أو اتعاظ ، يقال قَرع فُلاناً ، أي زجره وعَنَّفه بصوت غضب . وفي المقامة الأولى « ويقرع الأسماع بزواجر وعظه » . وأطلقت { القارعة } على الحدث العظيم وإن لم يكن من الأصوات كقوله تعالى { ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة } الرعد 31 وقيل تقول العرب قرعت القوم قارعة ، إذا نزل بهم أمر فظيع ولم أقف عليه فيما رأيت من كلام العرب قبل القرآن . وتأنيث { القارعة } لتأويلها بالحادثة أو الكائنة . و { ما } استفهامية ، والاستفهام مستعمل في التهويل على طريقة المجاز المرسل المركب لأن هول الشيء يستلزم تساؤل الناس عنه . فــــ { القارعة } هنا مراد بها حادثة عظيمة . وجمهور المفسرين على أن هذه الحادثة هي الحشر فجعلوا القارعة من أسماء يوم الحشر مثل القيامة ، وقيل أريد بها صيحة النفخة في الصُّور ، وعن الضحاك القارعة النار ذات الزفير ، كأنه يريد أنها اسم جهنم . وهذا التركيب نظير قوله تعالى { الحَاقّة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة } الحاقة 1 ـــ 3 وقد تقدم . ومعنى { وما أدراك ما القارعة } زيادة تهويل أمر القارعة و { ما } استفهامية صادقة على شخص ، والتقدير وأي شخص أدراك ، وهو مستعمل في تعظيم حقيقتها وَهَوْلها لأن هول الأمر يستلزم البحث عن تعرفة . وأدراك بمعنى أعلمك . و { ما القارعة } استفهام آخر مستعمل في حقيقته ، أي ما أدراك جواب هذا الاستفهام . وسدّ الاستفهام مَسدَّ مفعولي { أدراك } . وجملة { وما أدراك ما القارعة } عطف على جملة { ما القارعة } . والخطاب في { أدراك } لغير معين ، أي وما أدراك أيها السامع . وتقدم نظير هذا عند قوله تعالى { الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة } الحاقة 1 ـــ 3 وتقدم بعضه عند قوله تعالى { وما أدراك ما يوم الدين } في سورة الانفطار 17 .