Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 1-1)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ الۤر } تقدم القول على الحروف المقطعة الواقعة في أوائل السور في أول سورة البقرة وغيرها من نظرائها وما سورة يونس ببعيد . { كتاب أحكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير } القول في الافتتاح بقوله { كتاب } وتنكيره مماثل لما في قوله { كتاب أنزل إليك } في سورة الأعراف 2 . والمعنى أن القرآن كتاب من عند الله فلماذا يَعجب المشركون من ذلك ويكذبون به . فـكتاب مبتدأ ، سوغ الابتداء ما فيه من التنكير للنوعية . و { من لدن حكيم خبير } خبَر و { أحكمت آياته } صفة لـكتاب ، ولك أن تجعل { أحكمت آياته } صفة مخصصة ، وهي مسوغ الابتداء . ولك أن تجعل أحكمت هو الخبر . وتجعل { من لدن حكيم خبير } ظرفاً لغواً متعلقاً بـ { أحكمت } و { فُصلت } . والإحكام إتقان الصنع ، مشتق من الحِكْمة بكسر الحاء وسكون الكاف . وهي إتقان الأشياء بحيث تكون سالمة من الأخلال التي تعرض لنوعها ، أي جعلت آياته كاملة في نوع الكلام بحيث سلمت من مخالفة الواقع ومن أخلال المعنى واللفظ . وتقدم عند قوله تعالى { منه آيات محكمات } في أول سورة آل عمران 7 . وبهذا المعنى تنبىء المقابلة بقوله { من لدن حكيم } . وآيات القرآن الجمل المستقلة بمعانيها المختتمة بفواصل . وقد تقدم وجه تسمية جمل القرآن بالآيات عند قوله تعالى { والذين كفروا وكذبوا بآياتنا } في أوائل سورة البقرة 39 ، وفي المقدمة الثامنة من مقدمات هذا التفسير . والتفصيل التوضيح والبيان . وهو مشتق من الفَصل بمعنى التفريق بين الشيء وغيره بما يميزه ، فصار كناية مشهورة عن البيان لما فيه من فصل المعاني . وقد تقدم عند قوله تعالى { وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين } في سورة الأنعام 55 . ونظيره الفرق ، كنى به عن البيان فسمي القرآن فُرقاناً . وعن الفصل فسمي يوم بَدر يوم الفرقان ، ومنه في ذكر ليلة القدر { فيها يُفرق كل أمر حكيم } الدخان 4 . وثُم للتراخي في الرتبة كما هو شأنها في عطف الجمل لما في التفصيل من الاهتمام لدى النفوس لأن العقول ترتاح إلى البيان والإيضاح . و { من لدن حكيم خبير } أي من عند الموصوف بإبداع الصنع لحكمته ، وإيضاح التبيين لقوة علمه . والخبير العالم بخفايا الأشياء ، وكلما كثرت الأشياء كانت الإحاطة بها أعز ، فالحكيم مقابل لـ { أحْكمتْ } ، والخبير مقابل لـ { فُصّلتْ } . وهما وإن كانا متعلّق العلم ومتعلّق القدرة إذ القدرة لا تجري إلا على وفق العلم ، إلا أنه روعي في المقابلة الفعلُ الذي هو أثرُ إحدى الصفتين أشدُّ تبادُراً فيه للناس من الآخر وهذا من بليغ المزاوجة .