Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 89-90)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تقدم الكلام على النكتة في إعادة النداء في الكلام الواحد لمخاطب متّحد قريباً . وتقدم الكلام على { لا يجرمنكم } عند قوله تعالى { ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدّوكم عن المسجد الحرام أن تَعتدوا } في أول العقود 2 ، أي لا يكسبنكم . والشقاق مصدر شاقّه إذا عاداه . وقد مضت عند قوله تعالى { ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله } في أول الأنفال 13 . والمعنى لا تجر إليكم عداوتكم إياي إصابتَكم بمثل ما أصاب قوم نوح إلى آخره ، فالكلام في ظاهره أنه ينهى الشقاق أن يجر إليهم ذلك . والمقصود نهيهم عن أن يجعلوا الشّقاق سبباً للإعراض عن النظر في دعوته ، فيوقعوا أنفسهم في أن يصيبهم عذاب مثل ما أصاب الأمم قبلهم فيحسبوا أنهم يمكرون به بإعراضهم وما يمكرون إلاّ بأنفسهم . ولقد كان فضْح سوء نواياهم الدّاعية لهم إلى الإعراض عن دعوته عقب إظهار حسن نيّته ممّا دعاهم إليه بقوله { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلاّ الإصلاح ما استطعت } هود 88 مصادفاً مَحزّ جَوْدة الخطابة إذ رماهم بأنّهم يعملون بضدّ ما يعاملهم به . وجملة { وما قوم لوط منكم ببعيد } في موضع الحال من ضمير النّصب في قوله { أن يصيبكم } والواو رابطة الجملة . ولمعنى الحال هنا مزيد مناسبة لمضمون جملتها إذ اعتبر قرب زمانهم بالمخاطبين كأنّه حالة من أحوال المخاطبين . والمراد بالبُعد بُعد الزمن والمكان والنسب ، فزمن لوط عليه السّلام غير بعيد في زمن شعيب عليه السّلام ـ ، والدّيار قريبة من ديارهم ، إذ منازل مدين عند عقبة أيلة مجاورة معان ممّا يلي الحجاز ، وديار قوم لوط بناحية الأردن إلى البحر الميت وكان مدين بن إبراهيم عليهما السّلام وهو جد القبيلة المسماة باسمه ، متزوجاً بابنة لوط . وجملة { واستغفروا ربكم } عطف على جملة { لا يجرمنّكم شقاقي } . وجملة { إن ربي رحيم ودود } تعليل الأمر باستغفاره والتوبة إليه ، وهو تعليل لما يقتضيه الأمر من رجاء العفو عنهم إذا استغفروا وتابوا . وتفنن في إضافة الرب إلى ضمير نفسه مرة وإلى ضمير قومه أخرى لتذكيرهم بأنّه ربّهم كيلا يستمروا على الإعراض وللتشرف بانتسابه إلى مخلوقيته . والرّحيم تقدّم . والودود مثال مُبالغة من الودّ وهو المحبّة . وقد تقدّم عند قوله تعالى { ودّوا لو تكفرون كما كفروا } في سورة النساء 89 . والمعنى أنّ الله شديد المحبة لمن يتقرّب إليه بالتّوبة .