Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 9-9)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عطف على جملة { ولئن أخّرْنَا عنهم العذاب إلى أمّة معدُودة } هود 8 . فإنه لما ذكر أن ما هم فيه متاع إلى أجل معلوم عند الله . وأنهم بطروا نعمة التمتيع فسخروا بتأخير العذاب ، بيّنت هذه الآية أن أهل الضلالة راسخون في ذلك لأنّهم لا يفكّرون في غير اللّذَات الدنيوية فتجري انفعالاتهم على حسب ذلك دون رجاء لتغير الحال ، ولا يتفكرون في أسباب النعيم والبؤس وتصرفات خالق الناس ومُقدّر أحوالهم ، ولا يتّعظون بتقلبات أحوال الأمم ، فشأن أهل الضلالة أنّهم إن حلّت بهم الضراءُ بعد النعمة ملكهم اليأس من الخير ونَسُوا النعمة فجحدوها وكفروا منعمها ، فإنّ تأخير العذاب رحمةٌ وإتيان العذاب نزع لتلك الرحمة ، وهذه الجملة في قوة التذييل . فتعريف الإنسان تعريف الجنس مراد به الاستغراق ، وبذلك اكتسبت الجملة قوة التذييل . فمعيار العموم الاستثناء في قوله تعالى { إلاّ الذّين صبرُوا وعملُوا الصّالحَات } هود 11 كما يأتي ، فيكون الاستغراق عرفياً جارياً على اصطلاح القرآن من إطلاق لفظ الإنسان أو الناس ، ولأن وصفي { يؤوس كفور } يُناسبان المشركين فيتخصص العام بهم . وقيل التّعريف في { الإنسان } للعهد مراد منه إنسان خاص ، فرَوى الواحدي عن ابن عبّاس أنّها نزلت في الوليد بن المغيرة . وعنه أنّها نزلت في عبد الله بن أبي أميّة المخزومي . ويجوز أن يكون المراد كلّ إنسان إذا حلّ به مثل ذلك على تفاوت في النّاس في هذا اليأس . واللاّم موطئة للقسم . والإذاقة مستعملة في إيصال الإدراك على وجه المجاز ، واختيرت مادة الإذاقة لما تشعر به من إدراك أمر محبوب لأنّ المرء لا يذوق إلاّ ما يشتهيه . والرحمة ، أريدَ بها رحمة الدنيا . وأطلقت على أثرها وهو النعمة كالصحة والأمن والعافية ، والمراد النعمة السابقة قبل نزول الضر . والنزع حقيقته خلع الثوب عن الجسد . واستعمل هنا في سلب النعمة على طريقة الاستعارة ، ولذلك عدّي بحرف من دون عن لأنّ المعنى على السلب والافتكاك ، فذكر من تجريد للمجاز . وجملة { إنه ليؤوس كفور } جواب القسم ، وجردت من الافتتاح باللاّم استغناء عنها بحرف التوكيد وبلام الابتداء في خبر إنّ . واستغني بجواب القسم عن جواب الشرط المقارن له كما هو شأن الكلام المشتمل على شرط وقسم كما تقدم في قوله { ولئن أخّرنا عنهم العذاب } هود 8 إلى آخره . واليؤوس والكفور مثالا مبالغة في الآيس وكافر النعمة ، أي جاحدها ، والمراد بالكفور منكر نعمة الله لأنّه تصدُر منه أقوال وخواطر من السخط على ما انتابه كأنّه لم ينعم عليه قط . وتأكيد الجملة باللاّم الموطئة للقسم وبحرف التوكيد في جملة جواب القسم لقصد تحقيق مضمونها وأنّه حقيقة ثابتة لا مبالغة فيها ولا تغليب .