Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 112, Ayat: 2-2)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
جملة ثانية محكية بالقول المحكية به جملة { اللَّه أحد } ، فهي خبر ثان عن الضمير . والخبر المتعدد يجوز عطفه وفصله ، وإنما فصلت عن التي قبلها لأن هذه الجملة مسوقة لتلقين السامعين فكانت جديرة بأن تكون كل جملة مستقلة بذاتها غيرَ ملحقة بالتي قبلها بالعطف ، على طريقة إلقاء المسائل على المتعلم نحو أن يقول الحوزُ شرط صحة الحُبس ، الحوز لا يتم إلا بالمعانية ، ونحو قولك عنترة من فحول الشعراء ، عنترة من أبطال الفرسان . ولهذا الاعتبار وقع إظهار اسم الجلالة في قوله { اللَّه الصمد } وكان مقتضى الظاهر أن يقال هو الصمد . و { الصَمد } السيد الذي لا يستغنى عنه في المهمات ، وهو سيد القوم المطاع فيهم . قال في « الكشاف » وهو فَعَل بمعنى مفعول من صَمَد إليه ، إذا قصده ، فالصمد المصمود في الحوائج . قلت ونظيره السَّند الذي تُسند إليه الأمور المهمة . والفَلَق اسم الصباح لأنه يتفلق عنه الليل . و { الصمد } من صفات الله ، والله هو الصمد الحق الكامل الصمدية على وجه العموم . فالصمد من الأسماء التسعة والتسعين في حديث أبي هريرة عند الترمذي . ومعناه المفتقر إليه كلُّ ما عداه ، فالمعدوم مفتقر وجودُه إليه والموجود مفتقر في شؤونه إليه . وقد كثرت عبارات المفسرين من السلف في معنى الصمد ، وكلها مندرجة تحت هذا المعنى الجامع ، وقد أنهاها فخر الدين إلى ثمانية عشر قولاً . ويشمل هذا الاسمُ صفاتِ الله المعنويةَ الإِضافية وهي كونه تعالى حيّاً ، عالماً ، مريداً ، قادراً ، متكلماً ، سميعاً ، بصيراً ، لأنه لو انتفى عنه أحد هذه الصفات لم يكن مصموداً إليه . وصيغة { اللَّه الصمد } صيغة قصر بسبب تعريف المسند فتفيد قصر صفة الصمدية على الله تعالى ، وهو قصر قلب لإِبطال ما تعوّده أهل الشرك في الجاهلية من دعائهم أصنامهم في حوائجهم والفزع إليها في نوائبهم حتى نَسُوا الله . قال أبو سفيان ليلة فتح مكة وهو بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وقال له النبي صلى الله عليه وسلم " أما آن لك أن تشهد أن لا إلٰه إلا الله « لقد علمتُ أن لو كان معه إلٰه آخر لقد أغنى عني شيئاً " .