Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 113, Ayat: 3-3)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عطف أشياء خاصة هي ممَّا شمِله عموم { من شر ما خلق } الفلق 2 ، وهي ثلاثة أنواع من أنواع الشرور أحدها وقت يغلب وقوع الشر فيه وهو الليل . والثاني صنف من الناس أقيمت صناعتهم على إرادة الشر بالغير . والثالث صنف من الناس ذُو خُلُق من شأنه أن يبعث على إلحاق الأذى بمن تعلق به . وأعيدت كلمة { من شر } بعد حرف العطف في هذه الجملة . وفي الجملتين المعطوفتين عليها مع أن حرف العطف مغنٍ عن إعادة العامل قصداً لتأكيد الدعاء ، تعرضاً للإِجابة ، وهذا من الابتهال فيناسبه الإِطناب . والغاسق وصف الليل إذا اشتدت ظلمته يقال غَسَق الليل يغسق ، إذا أظلم قال تعالى { إلى غسق الليل } الإسراء 78 ، فالغاسق صفة لموصوف محذوف لظهوره من معنى وصفه مثل الجواري في قوله تعالى { ومن آياته الجوار في البحر } الشورى 32 وتنكير { غاسق } للجنس لأن المراد جنس الليل . وتنكير { غاسق } في مقام الدعاء يراد به العموم لأن مقام الدعاء يناسب التعميم . ومنه قول الحريري في المقامة الخامسة « يا أهل ذا المعنى وقيتُم ضُراً » أي وقيتم كل ضر . وإضافة الشر إلى غاسق من إضافة الاسم إلى زمانه على معنى في كقوله تعالى { بَلْ مَكْرُ الليل والنهارِ } سبأ 33 . والليل تكثر فيه حوادث السوء من اللصوص والسباع والهوام كما تقدم آنفاً . وتقييد ذلك بظرفِ { إذا وقب } أي إذا اشتدت ظلمته لأن ذلك وقت يتحيّنه الشطَّار وأصحاب الدعارة والعَيث ، لتحقّق غلبَة الغفلة والنوم على الناس فيه ، يقال أغْدَر الليلُ ، لأنه إذا اشتد ظلامه كثر الغدْر فيه ، فعبر عن ذلك بأنه أغدَر ، أي صار ذا غَدر على طريق المجاز العقلي . ومعنى { وقب } دخل وتغلغل في الشيء ، ومنه الوَقْبة اسم النقرة في الصخرة يجتمع فيها الماء ، ووقبت الشمس غابت ، وخُص بالتعوذ أشد أوقات الليل توقعاً لحصول المكروه .