Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 113, Ayat: 5-5)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
عطف شر الحاسد على شر الساحر المعطوف على شر الليل ، لمناسبة بينه وبين المعطوف عليه مباشرةً وبينه وبين المعطوف عليه بواسطته ، فإن مما يدعو الحاسد إلى أذى المحسود أن يتطلب حصول أذاهُ لتوهم أن السحر يزيل النعمة التي حسده عليها ولأن ثوران وجدان الجسد يكثر في وقت الليل ، لأن الليل وقت الخلوة وخطورِ الخواطر النفسية والتفكر في الأحوال الحافة بالحاسد وبالمحسود . والحسد إحساس نفساني مركب من استحسان نعمة في الغير مع تمني زوالها عنه لأجل غيرة على اختصاص الغير بتلك الحالة أو على مشاركته الحاسد فيها . وقد يطلق اسم الحسد على الغبطة مجازاً . والغبطة تمنّي المرء أن يكون له من الخير مثلُ ما لمن يروق حاله في نظره ، وهو محمل الحديث الصحيح " لا حَسَدَ إلا في اثنتين " ، أي لا غبطة ، أي لا تحق الغبطة إلا في تينك الخصلتين ، وقد بين شهاب الدين القرافي الفرق بين الحسد والغبطة في الفرق الثامن والخمسين والمائتين . فقد يغلب الحسدُ صبرَ الحاسد وأناتَه فيحمله على إيصال الأذى للمحسود بإتلاف أسباب نعمته أو إهلاكه رأساً . وقد كان الحسد أولَ أسباب الجنايات في الدنيا إذ حسد أحد ابني آدم أخاه على أن قُبِل قربانه ولم يقبل قُربان الآخر ، كما قصّه الله تعالى في سورة العقود . وتقييد الاستعاذة من شره بوقت { إذا حسد } لأنه حينئذ يندفع إلى عمل الشر بالمحسُود حين يجيش الحسد في نفسه فتتحرك له الحيل والنوايا لإِلحاق الضرّ به . والمراد من الحسد في قوله { إذا حسد } حسد خاص وهو البالغ أشد حقيقته ، فلا إشكال في تقييد الحسد بـــ { حسد } وذلك كقول عمرو ابن معد يكرب @ وبَدَت لميسُ كأنَّها بَدْرُ السماءِ إذا تَبَدَّى @@ أي تجلى واضحاً منيراً . ولما كان الحسد يستلزم كون المحسود في حالة حسنة كثر في كلام العرب الكناية عن السيد بالمحسود ، وبعكسه الكناية عن سيّىء الحال بالحاسد ، وعليه قول أبي الأسود @ حسدوا الفتى أن لم ينالوا سعيه فالقوم أعداءٌ له وخصوم كضرائرِ الحسناء قُلْنَ لوجهها حَسَداً وبُغضاً إنّه لَمشُوم @@ وقول بشار بن بُرد