Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 47-49)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عبر الرؤيا بجميع ما دلّت عليه ، فالبقرات لسنين الزراعة ، لأن البقرة تتخذ للإثمار . والسِمَن رمز للخصب . والعجَف رمز للقحط . والسنبلات رمز للأقوات فالسنبلات الخضر رمز لطعام ينتفع به ، وكونها سبعاً رمز للانتفاع به في السبع السنين ، فكل سنبلة رمز لطعام سنة ، فذلك يقتاتونه في تلك السنين جديداً . والسنبلات اليابسات رمز لما يدخر ، وكونُها سبعاً رمز لادخارها في سبع سنين لأن البقرات العجاف أكلت البقرات السمان ، وتأويل ذلك أن سني الجدب أتت على ما أثمرته سنو الخصب . وقوله { تزرعون } خبر عما يكون من عملهم ، وذلك أن الزرع عادتهم ، فذكره إياه تمهيد للكلام الآتي ولذلك قيده بـــ { دأباً } . والدأب العادة والاستمرار عليها . وتقدم في قوله { كدأب آل فرعون } في سورة آل عمران 11 . وهو منصوب على الحال من ضمير { يزرعون } ، أي كدَأبكم . وقد مزج تعبيره بإرشاد جليل لأحوال التموين والادخار لمصلحة الأمة . وهو منام حكمته كانت رؤيا الملك لطفاً من الله بالأمة التي آوت يوسف ـــ عليه السّلام ـــ ، ووحيا أوحاه الله إلى يوسف ـــ عليه السّلام ـــ بواسطة رؤيا الملك ، كما أوحى إلى سليمان ـــ عليه السّلام ـــ بواسطة الطير . ولعل الملك قد استعد للصلاح والإيمان . وكان ما أشار به يوسف ـــ عليه السّلام ـــ على الملك من الادخار تمهيداً لشرع ادخار الأقوات للتموين ، كما كان الوفاء في الكيل والميزان ابتداء دعوة شعيب ـــ عليه السّلام ـــ ، وأشار إلى إبقاء ما فضل عن أقواتهم في سنبله ليكون أسلم له من إصابة السوس الذي يصيب الحب إذا تراكم بعضه على بعض فإذا كان في سنبله دفع عنه السوس ، وأشار عليهم بتقليل ما يأكلون في سنوات الخصب لادخار ما فضل عن ذلك لزمن الشدة ، فقال { إلاّ قليلاً مما تأكلون } . والشداد وصف لسني الجدب ، لأن الجدب حاصل فيها ، فوصفها بالشدة على طريقة المجاز العقلي . وأطلق الأكل في قوله { يأكلن } على الإفناء ، كالذي في قوله { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } سورة النساء 2 . وإسناده بهذا الإطلاق إلى السنين إسنادُ مجاز عقلي ، لأنهن زمن وقوع الفناء . والإحصان الإحراز والادخار ، أي الوضع في الحصن وهو المطمور . والمعنى أن تلك السنين المجدبة يفنى فيها ما ادخر لها إلا قليلاً منه يبقى في الإهراء . وهذا تحريض على استكثار الادخار . وأما قوله { ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يُغاث الناس } فهو بشارة وإدخال المسرة والأمل بعد الكلام المؤيس ، وهو من لازم انتهاء مدة الشدة ، ومن سنن الله تعالى في حصول اليسر بعد العسر . و { يغاث } معناه يعطون الغيث ، وهو المطر . والعصر عصر الأعناب خموراً . وتقدم آنفاً في قوله { أعصر خمراً } سورة يوسف 36 .