Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 66-66)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اشتهر الإيتاء والإعطاء وما يراد بهما في إنشاء الحلف ليطمئن بصدق الحالف غيره وهو المحلوف له . وفي حديث الحشر " فيعطي الله من عُهود ومواثيق أن لا يسأله غيره " ، كما أطلق فعل الأخذ على تلقي المحلوف له للحلف ، قال تعالى { وأخذنا منكم ميثاقاً غليظاً } سورة النساء 21 و { قد أخذ عليكم موثقاً من الله } سورة يوسف 80 . ولعل سبب إطلاق فعل الإعطاء أن الحالف كان في العصور القديمة يعطي المحلوف له شيئاً تذكرة لليمين مثل سوطه أو خاتمه ، أو أنهم كانوا يضعون عند صاحب الحق ضماناً يكون رهينة عنده . وكانت الحمالة طريقة للتوثق فشبه اليمين بالحمالة . وأثبت له الإعطاء والأخذ على طريقة المكنيّة ، وقد اشتهر ضد ذلك في إبطال التوثق يقال رَدّ عليه حِلفه . والمَوثْق أصله مصدر ميمي للتوثّق ، أطلق هنا على المفعول وهو ما به التوثق ، يعني اليمين . و { من الله } صفة لــــ { موثقاً } ، و { من } للابتداء ، أي موثقاً صادراً من الله تعالى . ومعنى ذلك أن يجعلوا الله شاهداً عليهم فيما وَعدوا به بأن يحلفوا بالله فتصير شهادة الله عليهم كتوثق صادر من الله تعالى بهذا الاعتبار . وذلك أن يقولوا لك ميثاق الله أو عهد الله أو نحو ذلك ، وبهذا يضاف الميثاق والعهد إلى اسم الجلالة كأنّ الحالف استودع الله ما به التوثق للمحلوف له . وجملة { لتأتنني به } جواب لقسم محذوف دلّ عليه { موثقاً } . وهو حكاية لقول يقوله أبناؤه المطلوب منهم إيقاعه حكاية بالمعنى على طريقة حكاية الأقوال لأنهم لو نطقوا بالقسم لقالوا لنأتينك به ، فلما حكاه هو ركب الحكاية بالجملة التي هي كلامهم وبالضمائر المناسبة لكلامه بخطابه إياهم . ومن هذا النوع قوله تعالى حكاية عن عيسى ــــ عليه السلام ــــ { ما قلت لهم إلاّ ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم } سورة المائدة 117 ، وإن ما أمره الله قل لهم أن يعبدوا ربك وربهم . ومعنى { يحاط بكم } يُحيط بكم مُحيط والإحاطة الأخذُ بأسْر أو هلاك مما هو خارج عن قدرتهم ، وأصله إحاطة الجيش في الحرب ، فاستعمل مجازاً في الحالة التي لا يستطاع التغلب عليها ، وقد تقدم عند قوله تعالى { وظنوا أنهم أحيط بهم } سورة يونس 22 . والاستثناء في { إلا أن يحاط بكم } استثناء من عموم أحوال ، فالمصدر المنسبك من { أن } مع الفعل في موضع الحال ، وهو كالإخبار بالمَصدر فتأويله إلاّ محاطاً بكم . وقوله { الله على ما نقول وكيل } تذكير لهم بأن الله رقيب على ما وقع بينهم . وهذا توكيد للحَلِف . والوَكيل فعيل بمعنى مفعول ، أي موكول إليه ، وتقدم في { وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل } في سورة آل عمران 173 .