Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 2-2)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ٱللَّهُ ٱلَّذِى رَفَعَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى لأَجَلٍ مُّسَمًّـى } استئناف ابتدائي هو ابتداء المقصود من السورة وما قبله بمنزلة الديباجة من الخطبة ، ولذا تجد الكلام في هذا الغرض قد طال واطّرد . ومناسبَة هذا الاستئناف لقوله { ولكن أكثر الناس لا يؤمنون } لأن أصل كفرهم بالقرآن ناشىء عن تمسكهم بالكفر وعن تطبعهم بالاستكبار والإعراض عن دعوة الحق . والافتتاح باسم الجلالة دون الضمير الذي يعود إلى { ربك } الرعد 1 لأنه معيّن به لا يشتبه غيره من آلهتهم ليكون الخبر المقصود جارياً على معيّن لا يحتمل غيره إبلاغاً في قطع شائبة الإشراك . و { الذي رفع } هو الخبر . وجُعل اسماً موصولاً لكون الصلة معلومة الدلالة على أن من تثبت له هو المتوحد بالربوبية إذ لا يستطيع مثل تلك الصلة غير المتوحد ولأنه مسلم له ذلك { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله } لقمان 25 . والسماوات تقدمت مراراً ، وهي الكواكب السيارة وطبقات الجو التي تسبح فيها . ورفعها خلقها مرتفعة ، كما يقال وَسّعْ طوقَ الجُبة وضيّقْ كمها ، لا تريد وسعه بعد أن كان ضيقاً ولا ضيقه بعد أن كان واسعاً وإنما يراد اجْعَلْه واسعاً واجعله ضيقاً ، فليس المراد أنه رفعها بعد أن كانت منخفضة . والعَمَد جمع عماد مثل إهاب وأهَب ، والعماد ما تقام عليه القبة والبيت . وجملة { ترونها } في موضع الحال من { السماوات } ، أي لا شبهة في كونها بغير عمد . والقول في معنى { ثم استوى على العرش } تقدم في سورة الأعراف وفي سورة يونس . وكذلك الكلام على { سخر الشمس والقمر } في قوله تعالى { والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره } في سورة الأعراف 54 . والجري السير السريع . وسير الشمس والقمر والنجوم في مسافات شاسعة ، فهو أسرع التنقلات في بابها وذلك سيرها في مداراتها . واللام للعلة . والأجل هو المدة التي قدرها الله لدوام سيرها ، وهي مدة بقاء النظام الشمسي الذي إذا اختل انتثرت العوالم وقامت القيامة . والمسمّى أصله المعروف باسمه ، وهو هنا كناية عن المعيّن المحدّد إذ التسمية تستلزم التعيين والتمييز عن الاختلاط . { يُدَبَّرُ ٱلأَمْرَ يُفَصِّلُ ٱلآيَـٰتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَآءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ } جملة { يدبر الأمر } في موضع الحال من اسم الجلالة . وجملة { يفصل الآيات } حال ثانية تُرك عطفها على التي قبلها لتكون على أسلوب التعداد والتوقيف وذلك اهتمام باستقلالها . وتقدم القول على { يدبر الأمر } عند قوله { ومن يدبر الأمر } في سورة يونس 3 . وتفصيل الآيات تقدم عند قوله { أحكمت آياته ثم فصلت } في طالعة سورة هود 1 . ووجه الجمع بينهما هنا أن تدبير الأمر يشمل تقدير الخلق الأول والثاني فهو إشارة إلى التصرف بالتكوين للعقول والعوالم ، وتفصيل الآيات مشير إلى التصرف بإقامة الأدلة والبراهين ، وشأن مجموع الأمرين أن يفيد اهتداء الناس إلى اليقين بأن بعد هذه الحياة حياة أخرى ، لأن النظر بالعقل في المصنوعات وتدبيرها يهدي إلى ذلك ، وتفصيلَ الآيات والأدلة ينبه العقول ويعينها على ذلك الاهتداءِ ويقرّبه . وهذا قريب من قوله في سورة يونس { يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذّكرون إليه مرجعكم جميعاً وعد الله حقاً إنه يبدأُ الخلق ثم يعيده } يونس 3 - 4 . وهذا من إدماج غرض في أثناء غرض آخر لأن الكلام جار على إثبات الوحدانية . وفي أدلة الوحدانية دلالة على البعث أيضاً . وصيغ { يدبر } و { يفصل } بالمضارع عكس قوله { الله الذي رفع السماوات } لأن التدبير والتفصيل متجدّد متكرر بتجدد تعلق القدرة بالمقدورات . وأما رفع السماوات وتسخير الشمس والقمر فقد تم واستقرّ دفعة واحدة .