Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 5-5)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
عطف على جملة { الله الذي رفع السماوات بغير عمد } الرعد 2 فلما قُضِي حق الاستدلال على الوحدانية نقل الكلام إلى الردّ على منكري البعث وهو غرض مستقل مقصود من هذه السورة . وقد أدمج ابتداءً خلال الاستدلال على الوحدانية بقوله { لعلكم بلقاء ربكم توقنون } الرعد 2 تمهيداً لما هنا ، ثم نقل الكلام إليه باستقلاله بمناسبة التدليل على عظيم القدرة مستخرجاً من الأدلة السابقة عليه أيضاً كقوله { أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد } ق 15 وقوله { إنه على رَجعه لقادر } سورة الطارق 8 فصيغ بصيغة التعجيب من إنكار منكري البعث لأن الأدلة السالفة لم تبق عذراً لهم في ذلك فصار في إنكارهم محل عجب المتعجب . فليس المقصود من الشرط في مثل هذا تعليق حصول مضمون جواب الشرط على حصول فعل الشرط كما هو شأن الشروط لأن كون قولهم { أإذا كنا تراباً } عجباً أمر ثابت سواء عجب منه المتعجب أم لم يعجب ، ولكن المقصود أنه إن كان اتصاف بتعجب فقولهم ذلك هو أسبق من كل عجب لكل متعجب ، ولذلك فالخطاب يجوز أن يكون موجهاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو المناسب بما وقع بعده من قوله { ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة } الرعد 6 وما بعده من الخطاب الذي لا يصلُحُ لغير النبي . ويجوز أن يكون الخطاب هنا لغير معين مثل { ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم } السجدة 12 . والفعل الواقع في سياق الشرط لا يقصد تعلقه بمعمول معين فلا يقدر إن تعجب من قول أو إن تعجب من إنكار ، بل ينزل الفعل منزلة اللازم ولا يقدر له مفعول . والتقدير إن يكن منك تعجب فاعجب من قولهم الخ … على أن وقوع الفعل في سياق الشرط يشبه وقوعه في سياق النفي فيكون لعموم المفاعيل في المقام الخَطابي ، أي إن تعجب من شيء فعجب قولهم . ويجوز أن تكون جملة { وإن تعجب } الخ عطفاً على جملة { ولكن أكثر الناس لا يؤمنون } سورة الرعد 1 . فالتقدير إن تعجب من عدم إيمانهم بأن القرآن منزل من الله ، فعجب إنكارهم البعث . وفائدة هذا هو التشويق لمعرفة المتعجب منه تهويلاً له أو نحوه ، ولذلك فالتنكير في قوله { فعجب } للتنويع لأن المقصود أن قولهم ذلك صالح للتعجيب منه ، ثم هو يفيد معنى التعظيم في بابه تبعاً لما أفاده التعليق بالشرط من التشويق . والاستفهام في { أإذا كنا تراباً } إنكاري ، لأنهم موقنون بأنهم لا يكونون في خلق جديد بعد أن يكونوا تراباً . والقول المحكي عنهم فهو في معنى الاستفهام عن مجموع أمرين وهما كونهم تراباً ، وتجديد خلقهم ثانية . والمقصود من ذلك العجب والإحالة . وقرأ الجمهور { أإذا كنا } بهمزة استفهام في أوله قبل همزة { إذا } . وقرأه ابن عامر بحذف همزة الاستفهام . وقرأ الجمهور { أإنا لفي خلق جديد } بهمزة استفهام قبل همزة { إنّا } . وقرأه نافع وابن عامر وأبو جعفر بحذف همزة الاستفهام . والإشارة بقوله { أولئك الذين كفروا بربهم } للتنبيه على أنهم أحرياء بما سيرد بعد اسم الإشارة من الخبَر لأجْل ما سبق اسمَ الإشارة من قولهم { أإذا كنا ترابا أإنا لفي خلق جديد } بعد أن رأوا دلائل الخلق الأول فحق عليهم بقولهم ذلك حكمان أحدهما أنهم كفروا بربهم لأن قولهم { أإذا كنا تراباً أإنا لفي خلق جديد } لا يقوله إلا كافر بالله . أي بصفات إلٰهيته إذ جعلوه غير قادر على إعادة خلقه وثانيهما استحقاقهم العذاب . وعطف على هذه الجملة جملة { وأولئك الأغلال في أعناقهم } مفتتحة باسم الإشارة لمثل الغرض الذي افتتحت به الجملة قبلها فإن مضمون الجملتين اللتين قبلها يحقق أنهم أحرياء بوضع الأغلال في أعناقهم وذلك جزاء الإهانة . وكذلك عطف جملة { وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } . وقوله { الأغلال في أعناقهم } وعيد بسوقهم إلى الحساب سوق المذلة والقهر ، وكانوا يضعون الأغلال للأسرى المثقلين ، قال النابغة @ أو حُرّة كمهاة الرمل قد كُبلت فوق المعاصم منها والعراقيب تدعو قعينا وقد عض الحديد بها عض الثقاف على صمّ الأنابيب @@ والأغلال جمع غُل بضم الغين ، وهو القيد الذي يوضع في العنق ، وهو أشد التقييد . قال تعالى { إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل } غافر 71 . وإعادة اسم الإشارة ثلاثاً للتهويل . وجملة { هم فيها خالدون } بيان لجملة أصحاب النار .