Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 10-10)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىۤ أَجَلٍ مُّسَـمًّـى } . استفهام إنكاري . ومورد الإنكار هو وقوع الشك في وجود الله ، فقدم متعلق الشك للاهتمام به ، ولو قال أشك في الله ، لم يكن له هذا الوقع ، مثل قول القطامي @ أكفرا بعد رد الموت عني وبعدَ عطائك المائةَ الرتاعا @@ فكان أبلغ له لو أمكنه أن يقول أبعد رد الموت عني كفرٌ . وعلق اسم الجلالة بالشك ، والاسم العَلَم يدلّ على الذات . والمراد إنكار وقوع الشك في أهم الصفات الإلهية وهي صفة التفرد بالإلهية ، أي صفة الوحدانية . وأتبع اسم الجلالة بالوصف الدالّ على وجوده وهو وجود السماوات والأرض الدالُّ على أن لهما خالقاً حكيماً لاستحالة صدور تلك المخلوقات العجيبة المنظمة عن غير فاعلٍ مختار ، وذلك معلوم بأدنى تأمل ، وذلك تأييد لإنكار وقوع الشك في انفراده بالإلهية لأن انفراده بالخلق يقتضي انفراده باستحقاقه عبادة مخلوقاته . وجملة { يدعوكم } حال من اسم الجلالة ، أي يدعوكم أن تنبذوا الكفر ليغفر لكم ما أسلفتم من الشرك ويدفع عنكم عذاب الاستئصال فيؤخّركم في الحياة إلى أجل معتاد . والدعاء حقيقته النداء . فأطلق على الأمر والإرشاد مجازاً لأن الآمر ينادي المأمور . ويعدى فعل الدعاء إلى الشيء المدعو إليه بحرف الانتهاء غالباً وهو { إلى } ، نحو قوله تعالى حكاية عن مؤمن آل فرعون { ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار } سورة غافر 41 . وقد يعدّى بلام التعليل داخلةً على ما جُعل سبباً للدعوة فإن العلة تدل على المعلول ، كقوله تعالى { وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم } سورة نوح 7 ، أي دعوتهم إلى سبب المغفرة لتغفر ، أي دعوتهم إلى الإيمان لتغفر لهم ، وهو في هذه الآية كذلك ، أي يدعوكم إلى التوحيد ليغفر لكم من ذنوبكم . وقد يعدى فعل الدعوة إلى المدعو إليه باللام تنزيلاً للشيء الذي يُدعى إلى الوصول إليه منزلة الشيء الذي لأجله يدعى ، كقول أعرابي من بني أسد @ دعَوْتُ لِمَا نَابني مِسْورَا فلبّى فلبيْ يديْ مسور @@ { قَالُوۤاْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءَابَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ } . أرادوا إفحام الرسل بقطع المجادلة النظرية ، فنفوا اختصاص الرسل بشيء زائد في صورتهم البشرية يُعلم به أن الله اصطفاهم دون غيرهم بأن جعلهم رسلاً عنه ، وهؤلاء الأقوام يحسبون أن هذا أقطع لحجة الرسل لأن المماثلة بينهم وبين قومهم محسوسة لا تحتاج إلى تطويل في الاحتجاج ، فلذلك طالبوا رسلهم أن يأتوا بحجة محسوسة تثبت أن الله اختارهم للرسالة عنه ، وحسبانهم بذلك التعجيز . فجملة { تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا } في موضع الحال ، وهي قيد لما دل عليه الحصر في جملة { إن أنتم إلا بشر مثلنا } من جحد كونهم رسلاً من الله بالدّين الذي جاءوهم به مخالفاً لدينهم القديم ، فبذلك الاعتبار كان موقع التفريع لجملة { فأتونا بسلطان مبين } لأن مجرّد كونهم بشراً لا يقتضي مطالبتهم بالإتيان بسلطان مبين وإنما اقتضاه أنهم جاءوهم بإبطال دين قومهم ، وهو مضمون ما أرسلوا به . وقد عبّروا عن دينهم بالموصولية لما تؤذن به الصلة من التنويه بدينهم بأنه متقلَّد آبائهم الذين يحسبونهم معصومين من اتباع الباطل ، وللأمم تقديس لأسلافها فلذلك عدلوا عن أن يقولوا تريدون أن تصدّونا عن ديننا . والسلطان الحجة . وقد تقدّم في قوله { أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان } في سورة الأعراف 71 . المبين الواضح الذي لا احتمال فيه لغير ما دل عليه .