Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 19-20)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
استئناف بياني ناشىء عن جملة { فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين } فإن هلاك فئة كاملة شديدة القوة والمرة أمر عجيب يثير في النفوس السؤال كيف تهلك فئة مثل هؤلاء ؟ ؟ فيجاب بأن الله الذي قدر على خلق السماوات والأرض في عظمتها قادر على إهلاك ما هو دونها ، فمبدأ الاستئناف هو قوله { إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد } . وموقع جملة { ألم تر أن الله خلق السمٰوات والأرض بالحق } موقع التعليل لجملة الاستئناف ، قدم عليها كما تجعل النتيجة مقدمة في الخطابة والجِدال على دليلها . وقد بيناه في كتاب « أصول الخطابة » . ومناسبة موقع هذا الاستئناف ما سبقه من تفرق الرماد في يوم عاصف . والخطاب في { ألم تر } لكل من يصلح للخطاب غير معيّن ، وكل مَن يظن به التساؤل عن إمكان إهلاك المشركين . والرؤية مستعملة في العلم الناشىء عن النظر والتأمل ، لأن السماوات والأرض مشاهدة لكل ناظر ، وأما كونها مخلوقة لله فمحتاج إلى أقل تأمل لسهولة الانتقال من المشاهدة إلى العلم ، وأما كون ذلك ملتبساً بالحق فمحتاج إلى تأمل عميق . فلمّا كان أصل ذلك كله رؤية المخلوقات المذكورة علق الاستدلال على الرؤية ، كقوله تعالى { قل انظروا ماذا في السماوات والأرض } سورة يونس 101 . والحق هنا الحكمة ، أي ضد العبث ، بدليل مقابلته به في قوله تعالى { وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون } سورة الدخان 38 ، 39 . وقرأه حمزة ، والكسائي ، وخلَف { خلق السمٰوات والأرض } بصيغة اسم الفاعل مضاف إلى { السمٰوات } وبخفض { والأرض } . والخطاب في { يذهبكم } لجماعة من جملتهم المخاطب بــــ { ألم تر } . والمقصود التعريض بالمشركين خاصة ، تأكيداً لوعيدهم الذي اقتضاه قوله { لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم } ، أي إن شاء أعدم الناس كلهم وخلق ناساً آخرين . وقد جيء في الاستدلال على عظيم القدرة بالحكم الأعم إدماجاً للتعليم بالوعيد وإظهاراً لعظيم القدرة . وفيه إيماء إلى أنه يذهب الجبابرة المعاندين ويأتي في مكانهم في سيادة الأرض بالمؤمنين ليمكنهم من الأرض . وجملة { وما ذلك على الله بعزيز } عطف على جملة { إن يشأ يذهبكم } مؤكد لمضمونها ، وإنما سلك بهذا التأكيد ملك العطف لما فيه من المغايرة للمؤكد في الجملة بأنه يفيد أن هذا المَشيء سهل عليه هين ، كقوله { وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه } سورة الروم 27 . والعزيز على أحدٍ المتعاصي عليه الممتنع بقوته وأنصاره .