Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 39-40)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الباء في { بما أغويتني } للسببية ، و ما موصولة ، أي بسبب إغوائك إياي ، أي بسبب أن خلقتني غاوياً فسأغوي الناس . واللام في { لأزينن } لام قسم محذوف مراد بها التأكيد ، وهو القسم المصرح به في قوله { قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين } سورة ص 82 . والتزيين التحسين ، أي جعل الشيء زينا ، أي حسناً . وحذف مفعول { لأُزَينَنّ } لظهوره من المقام ، أي لأزينن لهم الشر والسيئات فيرونها حسنة ، وأزيّن لهم الإقبال على الملاذ التي تشغلهم عن الواجبات . وتقدم عند قوله تعالى { زين للذين كفروا الحياة الدنيا } في سورة البقرة 212 . والإغواء جعلهم غاوين . والغّواية بفتح الغين الضلال . والمعنى ولأضلنّهم . وإغواء الناس كلهم هو أشد أحوال غاية المغوي إذ كانت غوايته متعدية إلى إيجاد غواية غيره . وبهذا يعلم أن قوله { بما أغويتني } إشارة إلى غَواية يعلمها الله وهي التي جبله عليها ، فلذلك اختير لحكايتها طريقة الموصولية ، ويعلم أن كلام الشيطان هذا طفح بما في جبلّته ، وليس هو تشفّياً أو إغاظة لأن العظمة الإلهية تصده عن ذلك . وزيادة { في الأرض } لأنها أول ما يخطر بباله عند خطور الغواية لاقتران الغواية بالنزول إلى الأرض الذي دلّ عليه قوله تعالى { فاخرج منها } سورة الحجر 34 ، أي اخرج من الجنة إلى الأرض كما جاء في الآية الأخرى قال { وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر } سورة البقرة 36 ، ولأن جعل التزيين في الأرض يفيد انتشاره في جميع ما على الأرض من الذوات وأحوالها . وضمائر { لهم } ، و { لأغوينهم } و { منهم } ، لبني آدم ، لأنه قد علم علماً ألقي في وجدانهِ بأن آدم ــــ عليه السلام ــــ ستكون له ذرية ، أو اكتسب ذلك من أخبار العالم العلوي أيام كان من أهله وملئه . وجعل المُغْوَيْن هم الأصل ، واستثنى منهم عباد الله المخلصين لأن عزيمته منصرفة إلى الإغواء ، فهو الملحوظ ابتداء عنده ، على أن المُغوَيْن هم الأكثر . وعكسه قوله تعالى { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك } سورة الحجر 42 . والاستثناء لا يُشعر بقلّة المستثنى بالنسبة للمستثنى منه ولا العكس . وقرىء { المخلصين } ــــ بفتح اللام ــــ لنافع وحمزة وعاصم والكسائي على معنى الذين أخلصتَهم وطهّرتهم . و ــــ بكسر اللام ــــ لابن كثير وابن عامر وأبي عَمرو ، أي الذين أخلَصوا لك في العمل .