Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 8-8)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
مستأنفة ابتدائية جواباً لكلامهم وشبهاتهم ومقترحاتهم . وابتدىء في الجواب بإزالة شبهتهم إذ قالوا { لو ما تأتينا بالملائكة } سورة الحجر 7 . أريد منه إزالة جهالتهم إذ سألوا نزول الملائكة علامة على التصديق لأنهم وإن طلبوا ذلك بقصد التهكم فهم مع ذلك معتقدون أن نزول الملائكة هو آية صدق الرسول ، فكان جوابهم مشوباً بطرف من الأسلوب الحكيم ، وهو صرفهم إلى تعليمهم الميز بين آيات الرسل وبين آيات العذاب ، فأراد الله أن لا يدخرهم هدياً وإلا فهم أحرياء بأن لا يجابوا . والنزول التدلي من علو إلى سفل . والمراد به هنا انتقال الملائكة من العالم العلوي إلى العالم الأرضي نزولاً مخصوصاً . وهو نزولهم لتنفيذ أمر الله بعذاب يرسله على الكافرين ، كما أنزلوا إلى مدائن لوط عليه السلام . وليس مثل نزول جبريل عليه السلام أو غيره من الملائكة إلى الرسل عليهم السلام بالشرائع أو بالوحي . قال تعالى في ذكر زكرياء عليه السلام { فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشّرك بيحيى } سورة آل عمران 39 . والمراد ب الحق هنا الشيء الحاقّ ، أي المقضي ، مثل إطلاق القضاء بمعنى المقضيّ . وهو هنا صفة لمحذوف يعلم من المقام ، أي العذاب الحاقّ . قال تعالى { وكثير حقّ عليه العذاب } سورة الحج 18 وبقرينة قوله { وما كانوا إذا منظرين } ، أي لا تنزل الملائكة للناس غير الرسل والأنبياء . عليهم الصلاة والسلام ــــ إلا مصاحبين للعذاب الحاقّ على الناس كما تنزلت الملائكة على قوم لوط وهو عذاب الاستئصال . ولو تنزلت الملائكة لعجل للمنزل عليهم ولما أمهلوا . ويفهم من هذا أن الله منظرهم ، لأنه لم يُرد استئصالهم ، لأنه أراد أن يكون نشر الدين بواسطتهم فأمهلهم حتى اهتدوا ، ولكنه أهلك كبراءهم ومدبريهم . ونظير هذا قوله تعالى في سورة الأنعام 8 { وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون } وقد نزلت الملائكة عليهم يوم بدر يقطعون رؤوس المشركين . والإنظار التأخير والتأجيل . و { إذاً } حرف جواب وجزاء . وقد وسطت هنا بين جزأي جوابها رعياً لمناسبة عطف جوابها على قول { ما تنزل الملائكة } . وكان شأن إذن أن تكون في صدر جوابها . وجملتها هي الجواب المقصود لقولهم { لو ما تأتينا بالملائكة } سورة الحجر 7 . وجملة ما تنزل الملائكة إلا بالحق مقدمة من تأخير لأنها تعليل للجواب ، فقدم لأنه أوقع في الرد ، ولأنه أسعد بإيجاز الجواب . وتقدير الكلام لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين إذن ما كنتم مُنظرين بالحياة ولعجل لكم الاستئصال إذ ما تنزل الملائكة إلا مصحوبين بالعذاب الحاقّ . وهذا المعنى وارد في قوله تعالى { ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب } سورة العنكبوت 53 . وقرأ الجمهور { ما تنزل } بفتح التاء على أن أصله تتنزَّل . وقرأ أبو بكر عن عاصم ــــ بضم التاء وفتح الزاي على البناء للمجهول ورفع الملائكة على النيابة ــــ . وقرأ الكسائي ، وحفص عن عاصم ، وخلف { ما ننزل الملائكة } ــــ بنون في أوله وكسر الزاي ونصب الملائكة على المفعولية ــــ .