Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 52-52)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مناسبة موقع جملة { وله ما في السمٰوات والأرض } بعد جملة { وقال الله لا تتخذوا إلٰهين اثنين } سورة النحل 51 أن الذين جعلوا إلهين جعلوهما النور والظلمة . وإذ كان النور والظلمة مظهرين من مظاهر السماء والأرض كان المعنى أن ما تزعمونه إلهاً للخير وإلهاً للشرّ هما من مخلوقاته . وتقديم المجرور يفيد الحصر فدخل جميع ما في السماء والأرض في مفاد لام الملك ، فأفاد أن ليس لغيره شيء من المخلوقات خيرها وشرّها . فانتفى أن يكون معه إله آخر لأنه لو كان معه إله آخر لكان له بعض المخلوقات إذ لا يعقل إله بدون مخلوقات . وضمير { له } عائد إلى اسم الجلالة من قوله { وقال الله لا تتخذوا إلٰهين } . فعطفه على جملة { إنما هو إلٰه واحد } سورة النحل 51 لأن عظمة الإلهية اقتضت الرّهبة منه وقصرها عليه ، فناسب أن يشار إلى أن صفة المالكية تقتضي إفراده بالعبادة . وأما قوله { وله الدين واصباً } فالدين يحتمل أن يكون المراد به الطاعة ، من قولهم دانت القبيلة للملك ، أي أطاعته ، فهو من متمّمات جملة { وله ما في السمٰوات والأرض } ، لأنه لما قَصَر الموجودات على الكون في ملكه كان حقيقاً بقصر الطاعة عليه ، ولذلك قدّم المجرور في هذه الجملة على فعله كما وقع في التي قبلها . ويجوز أن يكون { الدين } بمعنى الديانة ، فيكون تذييلاً لجملة { وقال الله لا تتخذوا إلٰهين اثنين } ، لأن إبطال دين الشرك يناسبه أن لا يدين الناس إلا بما يشرّعه الله لهم ، أي هو الذي يشرّع لكم الدين لا غيره من أيمّة الضلال مثل عَمرو بن لُحيــــيَ ، وزَرَادَشْت ، وَمَزْدك ، ومَاني ، قال تعالى { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } سورة الشورى 21 . ويجوز أن يكون الدين بمعنى الجزاء كما في قوله تعالى { مالك يوم الدين } سورة الفاتحة 4 ، فيكون إدماجاً لإثبات البعث الذي ينكره أولئك أيضاً . والمعنى له ما في السماوات والأرض وإليه يرجع من في السماوات والأرض لا يرجعون إلى غيره ولا ينفعهم يومئذٍ أحد . والواصب الثابت الدائم ، وهو صالح للاحتمالات الثلاثة ، ويزيد على الاحتمال الثالث لأنه تأكيد لردّ إنكارهم البعث . وتفرّع على هاتين الجملتين التّوبيخ على تقواهم غيره ، وذلك أنهم كانوا يتقون إله الشرّ ويتقرّبون إليه ليأمنوا شرّه .