Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 55-55)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لام التعليل متعلّقة بفعل { يشركون } سورة النحل 54 الذي هو من جواب قوله تعالى { إذا كشف الضر عنكم } سورة النحل 54 . والكفر هنا كفر النّعمة ، ولذلك علّق به قوله تعالى { بما آتيناهم } أي من النّعم . وكفر النّعمة ليس هو الباعث على الإشراك فإن إشراكهم سابق على ذلك وقد استصحبوه عقب كشف الضرّ عنهم ، ولكن شبهت مقارنة عودهم إلى الشرك بعد كشف الضرّ عنهم بمقارنة العلّة الباعثة على عملٍ لذلك العمل . ووجه الشبه مبادرتهم لكفر النّعمة دون تريّث . فاستعير لهذه المقارنة لام التعليل ، وهي استعارة تبعيّة تمليحيّة تهكميّة ومثلها كثير الوقوع في القرآن . وقد سمى كثير من النحاة هذه اللام لام العاقبة ، ومثالها عندهم قوله تعالى { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً } سورة القصص 8 ، وقد بيّناها في مواضع آخرُها عند قوله تعالى { ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة } في هذه السورة النحل 25 وضمير { ليكفروا } عائد إلى { فريق } سورة النحل 54 باعتبار دلالته على جمع من الناس . والإيتاء الإعطاء . وهو مستعار للإنعام بالحالة النافعة ، لأن شأن الإعطاء أن يكون تمكيناً بالمأخوذ المحبوب . وعبّر بالموصول { بما آتيناهم } لما تؤذن به الصّلة من كونه نعمة تفظيعاً لكفرانهم بها ، لأن كفران النّعمة قبيح عند تجميع العقلاء . وفرع عليه مخاطبتهم بأمرهم بالتمتّع أمرَ إمهال وقلّة اكتراث بهم وهو في معنى التخلية . والتمتّع الانتفاع بالمتاع . والمتاع الشيء الذي ينتفع به انتفاعاً محبوباً ويسرّ به . ويقال تمتّع بكذا واستمتع . وتقدّم المتاع في آخر سورة براءة . والخطاب للفريق الذين يشركون بربّهم على طريقة الالتفات . والأظهر أنه مقول لقوللٍ محذوف . لأنه جاء مفرعاً على كلام خوطب به الناس كلّهم كما تقدم ، فيكون المفرع من تمام ما تفرّع عليه . وذلك ينافي الالتفات الذي يقتضي أن يكون مرجع الضمير إلى مرجع ما قبله . والمعنى فنقول تمتّعوا بالنّعم التي أنتم فيها إلى أمدٍ . وفرع عليه التهديدُ بأنهم سيعلمون عاقبة كفران النّعمة بعد زوال التمتّع . وحذف مفعول { تعلمون } لظهوره من قوله تعالى { ليكفروا بما آتيناهم } أي تعلمون جزاء كفركم .