Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 16, Ayat: 74-74)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تفريع على جميع ما سبق من الآيات والعبر والمنن ، إذ قد استقام من جميعها انفراد الله تعالى بالإلهية ، ونفي الشريك له فيما خلق وأنعم ، وبالأولى نفي أن يكون له ولد وأن يشبه بالحوادث فلا جرم استتبّ للمقام أن يفرع على ذلك زجر المشركين عن تمثيلهم غير الله بالله في شيء من ذلك ، وأن يمثّلوه بالموجودات . وهذا جاء على طريقة قوله تعالى { يا أيها الناس اعبدوا ربّكم الذي خلقكم } سورة البقرة 21 إلى قوله تعالى { فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون } سورة البقرة 22 ، وقوله { وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم } سورة يس 78 . و { الأمثال } هنا جمع مَثَل ــــ بفتحتين ــــ بمعنى المماثل ، كقولهم شبه بمعنى مشابه . وضرب الأمثال شاع استعماله في تشبيه حالة بحالة وهيئة بهيئة ، وهو هنا استعمال آخر . ومعنى الضرب في قولهم ضَرب كذا مثلاً ، بَيّنّاه عند قوله تعالى { إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما } في سورة البقرة 26 . واللاّم في { لله } متعلقة بــــ { الأمثال } لا بــــ { تضربوا } ، إذ ليس المراد أنهم يضربون مَثَل الأصنام بالله ضرباً للناس كقوله تعالى { ضرب لكم مثلاً من أنفسكم } سورة الروم 28 . ووجه كون الإشراك ضرب مثل لله أنهم أثبتوا للأصنام صفات الإلهية وشبّهوها بالخالق ، فإطلاق ضرب المثل عليه مثل قوله تعالى { وقالوا أءالهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلاً } سورة الزخرف 58 . وقد كانوا يقولون عن الأصنام هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، والملائكة هنّ بنات الله من سروات الجِنّ ، فذلك ضرب مثل وتشبيه لله بالحوادث في التأثّر بشفاعة الأكفاء والأعيان والازدهاء بالبنين . وجملة { إن الله يعلم } تعليل للنّهي عن تشبيه الله تعالى بالحوادث ، وتنبيه على أن جهلهم هو الذي أوقعهم في تلك السخافات من العقائد ، وأن الله إذ نهاهم وزجرهم عن أن يشبّهوه بما شبّهوه إنما نهاهم لعلمه ببطلان اعتقادهم . وفي قوله تعالى { وأنتم لا تعلمون } استدعاء لإعمال النّظر الصحيح ليصلوا إلى العلم البريء من الأوهام .