Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 106-106)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عطف على جملة { أنزلناه } الإسراء 105 . وانتصب { قرآناً } على الحال من الضمير المنصوب في { فرقناه } مقدمة على صاحبها تنويهاً الكون قرآناً ، أي كونه كتاباً مقروءاً . فإن اسم القرآن مشتق من القراءة ، وهي التلاوة ، إشارة إلى أنه من جنس الكلام الذي يحفظ ويتلى ، كما أشار إليه قوله تعالى { تلك آيات الكتاب وقرآن مبين } الحجر 1 ، وقد تقدم بيانه . فهذا الكتاب له أسماء باختلاف صفاته فهو كتاب ، وقرآن ، وفرقان ، وذكر ، وتنزيل . وتجري عليه هذه الأوصاف أو بعضها باختلاف المقام ، ألا ترى إلى قوله تعالى { وقرآن الفجر } الإسراء 78 وقوله { فاقرأوا ما تيسر من القرآن } المزمل 20 باعتبار أن المقام للأمر بالتلاوة في الصلاة أو مطلقاً ، وإلى قوله { تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا } الفرقان 1 في مقام كونه فارقاً بين الحق والباطل ، ولهذا لم يوصف من الكتب السماوية بوصف القرآن غيرُ الكتاب المنزل على محمد . ومعنى { فرقناه } جعلناه فِرَقاً ، أي أنزلناه منجماً مفرقاً غير مجتمع صبُرة واحدة . يقال فرق الأشياء إذا باعد بينها ، وفرق الصبرة إذا جزأها . ويطلق الفرق على البيان لأن البيان يشبه تفريق الأشياء المختلطة ، فيكون { فرقناه } محتملاً معنى بيناه وفصلناه ، وإذ قد كان قوله { قرآناً } حالاً من ضمير { فرقناه } آل المعنى إلى أنا فرقناه وأقرأناه . وقد عُلل بقوله { لتقرأه على الناس على مكث } . فهما علتان أن يُقرأ على الناس وتلك علة لجعله قرآناً ، وأن يقرأ على مُكْث ، أي مَهل وبطء وهي علة لتفريقه . والحكمة في ذلك أن تكون ألفاظه ومعانيه أثبت في نفوس السامعين . وجملة { ونزلناه تنزيلاً } معطوفة على جملة { وقرآنا فرقناه } . وفي فعل { نزلناه } المضاعف وتأكيده بالمفعول المطلق إشارة إلى تفريق إنزاله المذكور في قوله { وبالحق أنزلناه } الإسراء 105 . وطوي بيان الحكمة للاجتزاء بما في قوله { لتقرأه على الناس على مكث } من اتحاد الحكمة . وهي ما صَرح به قوله تعالى { كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا } الفرقان 32 . ويجوز أن يراد فرقنا إنزاله رعياً للأسباب والحوادث . وفي كلام الوجهين إبطال لشبهتهم إذ قالوا { لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة } الفرقان 32 .