Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 11-11)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
موقع هذه الآية هنا غامض ، وانتزاع المعنى من نظمها وألفاظها أيضاً ، ولم يأت فيها المفسرون بما ينثلج له الصدر . والذي يظهر لي أن الآية التي قبلها لما اشتملت على بشارة وإنذار وكان المنذرون إذا سمعوا الوعيد والإنذار يستهزئون به ويقولون { متى هذا الوعد إن كنتم صادقين } يس 48 عُطف هذا الكلام على ما سبق تنبيهاً على أن لذلك الوعد أجلاً مسمى . فالمراد بالإنسان الإنسان الذي لا يؤمن بالآخرة كما هو في قوله تعالى { ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أخرج حياً } مريم 66 و { أو لا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً } مريم 67 وإطلاق الإنسان على الكافر كثير في القرآن . وفعل { يدعو } مستعمل في معنى يطلب ويبتغي ، كقول لبيد @ ادْعُو بهن لعَاقر أو مُطْفِل بُذِلَت لجيران الجميع لِحَامُها @@ وقوله { دعاءه بالخير } مصدر يفيد تشبيهاً ، أي يستعجل الشر كاستعجاله الخير ، يعني يستبطىء حلول الوعيد كما يستبطىء أحد تأخر خير وعد به . وقوله { وكان الإنسان عجولاً } تذييل ، فالإنسان هنا مراد به الجنس لأنه المناسب للتذييل ، أي وما هؤلاء الكافرون الذين لا يؤمنون بالآخرة إلا من نوع الإنسان ، وفي نوع الإنسان الاستعجال فإن كان تدل على أن اسمها متصف بخبرها اتصافاً متمكناً كقوله تعالى { وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً } الكهف 54 . والمقصود من قوله { وكان الإنسان عجولاً } الكناية عن عدم تبصره وأن الله أعلم بمقتضى الحكمة في توقيت الأشياء { ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير لقضي إليهم أجلهم } يونس 11 ، ولكنه دَرّج لهم وصول الخير والشر لطفاً بهم في الحالين . والباء في قوله { بالشر وبالخير } لتأكيد لصوق العامل بمعموله كالتي في قوله تعالى { وامسحوا برؤوسكم } المائدة 6 أو لتضمين مادة الدعاء معنى الاستعجال ، فيكون كقوله تعالى { يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها } الشورى 18 . وعجول صيغة مبالغة في عاجل . يقال عجل فهو عاجل وعجول . وكتب في المصحف { ويدع } بدون واو بعد العين إجراء لرسم الكلمة على حالة النطق بها في الوصل كما كتب { سَنْدُع الزبانية } العلق 18 ونظائرها . قال الفراء لو كتبت بالواو لكان صواباً .