Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 17, Ayat: 2-2)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عطف على جملة { سبحان الذي أسرى } الإسراء 1 الخ فهي ابتدائية . والتقدير الله أسرى بعبده محمد وآتى موسى الكتاب ، فهما منتان عظيمتان على جزء عظيم من البشر . وهو انتقال إلى غرض آخر لِمناسبة ذكر المسجد الأقصى . فإن أطوار المسجد الأقصى تمثل ما تطور به حالُ بني إسرائيل في جامعتهم من أطوار الصلاح والفساد ، والنهوض والركود ، ليعتبر بذلك المسلمون فيقتدوا أو يحذروا . ولمناسبة قوله { لنريه من آياتنا } الإسراء 1 فإن من آيات الله التي أوتيها النبي آيَةَ القرآن ، فكان ذلك في قوة أن يقال وآتيناه القرآن وآتينا موسى الكتاب أي التوراة ، كما يشهد به قوله بعد ذلك { إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم } الإسراء 9 أي للطريقة التي هي أقوم من طريقة التوراة وإن كان كلاهما هُدى ، على ما في حالة الإسراء بالنبي عليه الصلاة والسلام ليلاً ليرى من آيات الله تعالى من المناسبة لحالة موسى عليه السلام حين أوتي النبوة ، فقد أوتي النبوءة ليلاً وهو سار بأهله من أرض مدين إذ آنس من جانب الطور ناراً ، ولحاله أيضاً حين أسري به إلى مناجاة ربه بآيات الكتاب . والكتاب هو المعهود إيتاؤُه موسى عليه السلام وهو التوراة . وضمير الغائب في جعلناه للكتاب ، والإخبار عنه بأنه هدى مبالغة لأن الهُدى بسبب العمل بما فيه فجُعل كأنه نفسُ الهدى ، كقوله تعالى في القرآن { هدى للمتقين } البقرة 2 . وخص بني إسرائيل لأنهم المخاطبون بشريعة التوراة دون غيرهم ، فالجعل الذي في قوله { وجعلناه } هو جعل التكليف . وهم المراد بــــ « الناس » في قوله { قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نوراً وهدى للناس } الأنعام 91 ، لأن الناس قد يطلق على بعضهم ، على أن ما هو هدى لفريق من الناس صالح لأن يَنتفع بهديه من لم يكن مخاطباً بكتاب آخرَ ، ولذلك قال تعالى { إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور } المائدة 44 . وقرأ الجمهور { ألا تتخذوا } ــــ بتاء الخطاب ــــ على الأصل في حكاية ما يحكى من الأقوال المتضمنة نهياً ، فتكون أنْ تفسيرية لما تضمنه لفظ الكتاب من معنى الأقوال ، ويكون التفسير لبعض ما تضمنه الكتاب اقتصاراً على الأهم منه وهو التوحيد . وقرأ أبو عمرو وحده ــــ بياء الغيبة ــــ على اعتبار حكاية القول بالمعنى ، أو تكون أنْ مصدرية مجرورة بلام محذوفة حَذفاً مطرداً ، والتقدير آتيناهم الكتاب لئلا يتخذوا من دوني وكيلا . والوكيل الذي تفوض إليه الأمور . والمراد به الرب ، لأنه يتكل عليه العباد في شؤونهم ، أي أن لا تتخذوا شريكاً تلجؤون إليه . وقد عُرف إطلاق الوكيل على الله في لغة بني إسرائيل كما حكى الله عن يعقوب وأبنائه { فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل } يوسف 66 .