Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 103-104)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعتراض باستئناف ابتدائي أثاره مضمون جملة { أفحسب الذين كفروا } الخ … فإنهم لما اتْخذوا أولياءَ مَن ليسوا ينفعونهم فاختاروا الأصنام وعبدوها وتقربوا إليها بما أمكنهم من القُرب اغتراراً بأنها تدفع عنهم وهي لا تغني عنهم شيئاً فكان عملهم خاسراً وسعيهم باطلاً . فالمقصود من هذه الجملة هو قوله { وهم يحسبون … } الخ . وافتتاح الجملة بالأمر بالقول للاهتمام بالمقول بإصغاء السامعين لأنّ مثل هذا الافتتاح يشعر بأنه في غرض مُهمّ ، وكذلك افتتاحه باستفهامهم عن إنبائهم استفهاماً مستعملاً في العَرض لأنّه بمعنى أتحبون أن نُنبئكم بالأخسرين أعمالاً ، وهو عرض تهكم لأنه منبئهم بذلك دون توقف على رضاهم . وفي قوله { بالأخسرين أعمالاً } إلى آخره … تمليح إذ عدل فيه عن طريقة الخطاب بأن يقال لهم هل ننبئكم بأنكم الأخسرون أعمالاً ، إلى طريقة الغيبة بحيث يستشرفون إلى معرفة هؤلاء الأخسرين فما يروعهم إلاّ أن يعلموا أنّ المخبر عنهم هم أنفسهم . والمقول لهم المشركون ، توبيخاً لهم وتنبيهاً على ما غفلوا عنه من خيبة سعيهم . ونون المتكلّم المشارك في قوله { ننبئكم } يجوز أن تكون نون العظمة راجعة إلى ذات الله على طريقة الالتفات في الحكاية . ومقتضى الظاهر أن يقال هل ينبئكم الله ، أي سينبئكم ويجوز أن تكون للمتكلّم المشارك راجعة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى الله تعالى لأنه ينبئهم بما يوحَى إليه من ربّه . ويجوز أن تكون راجعة للرسول وللمسلمين . وقوله { الذين ضل سعيهم } بدل من { بالأخسرين أعمالاً } وفي هذا الإطناب زيادة التشويق إلى معرفة هؤلاء الأخسرين حيث أجرى عليهم من الأوصاف ما يزيد السامع حرصاً على معرفة الموصوفين بتلك الأوصاف والأحوال . والضلال خطأ السبيل . شبه سعيهم غير المثمر بالسير في طريق غير موصلة . والسعي المشي في شدة . وهو هنا مجاز في العمل كما تقدّم عند قوله { ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها } في سورة الإسراء 19 ، أي عملوا أعمالاً تقربوا بها للأصنام يحسبونها مبلغة إياهم أغراضاً وقد أخطؤوها وهم يحسبون أنّهم يفعلون خيراً . وإسناد الضلال إلى سعيهم مجاز عقلي . والمعنى الذين ضلوا في سعيهم . وبين { يحسبون } و { يحسنون } جناس مصحّف ، وقد مثل بهما في مبحث الجناس .