Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 107-108)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا مقابل قوله { إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلاً } على عادة القرآن في ذكر البشارة بعد الإنذار . وتأكيد الجملة للاهتمام بها لأنها جاءت في مقابلة جملة { إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا } ، وهي مؤكدة كي لا يظن ظانّ أن جزاء المؤمنين غير مهتم بتأكيده مع ما في التأكيديْن من تقوية الإنذار وتقوية البشارة . وجعل المسند إليه الموصولَ بصلة الإيمان وعمل الصالحات للاهتمام بشأن أعمالهم ، فلذلك خولف نظم الجملة التي تقابلها فلم يقل جزاؤهم الجنّة . وقد تقدّم نظير هذا الأسلوب في المخالف بين وصف الجزاءَين عند قوله تعالى في هذه السورة { إنا أعتدنا للظالمين ناراً أحاط بهم سرادقها } الكهف 29 ثم قوله { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملاً } الكهف 30 . وفي الإتيان بــــ { كانت } دلالة على أن استحقاقهم الجنّات أمر مستقر من قبل مهيّأ لهم . وجيء بلام الاستحقاق تكريماً لهم بأنهم نالوا الجنة باستحقاق إيمانهم وعملهم . كما قال تعالى { وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } الزخرف72 . وجمع الجنّات إيماء إلى سعة نعيمهم ، وأنها جنان كثيرة كما جاء في الحديث " إنها جنان كثيرة " . والفردوس البستان الجامع لكل ما يكون في البساتين ، وعن مجاهد هو معرّب عن الرومية . وقيل عن السريانية . وقال الفراء هو عربي ، أي ليس معرباً . ولم يرد ذكره في كلام العرب قبل القرآن . وأهل الشام يقولون للبساتين والكروم الفراديس . وفي مدينة حلب باب يسمّى باب الفراديس . وإضافة الجنات إلى الفردوس بيانية ، أي جنات هي من صنف الفردوس . وورد في الحديث أن الفردوس أعلى الجنّة أو وسط الجنّة . وذلك إطلاق آخر على هذا المكان المخصوص يرجع إلى أنه علم بالغلبة . فإن حُملت هذه الآية عليه كانت إضافة { جنات } إلى { الفردوس } إضافة حقيقية ، أي جنات هذا المكان . والنزُل تقدم قريباً . وقوله { لا يبغون عنها حولاً } أي ليس بعدما حوته تلك الجنات من ضروب اللّذات والتمتع ما تتطلع النفوس إليه فتود مفارقة ما هي فيه إلى ما هو خير منه ، أي هم يجدون فيها كل ما يخامر أنفسهم من المشتهى . والحِوَل مصدر بوزن العِوج والصِغر . وحرف العلة يصحح في هذه الصيغة لكن الغالب فيما كان على هذه الزنة مصدرا التصحيحُ مثل الحِول ، وفيما كان منها جمعاً الإعلال نحو الحِيل جمع حِيلة . وهو من ذوات الواو مشتق من التحول .