Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 18, Ayat: 10-10)

Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

إذ ظرف مضاف إلى الجملة بعده ، وهو متعلق بــــ { كانوا } الكهف 9 فتكون هذه الجملة متصلة بالتي قبلها . ويجوز كون الظرف متعلقاً بفعل محذوف تقديره اذكر ، فتكون مستأنفة استئنافاً بيانياً للجملة التي قبلها . وأياً ما كان فالمقصود إجمال قصتهم ابتداء ، تنبيهاً على أن قصتهم ليست أعجب آيات الله ، مع التنبيه على أن ما أكرمهم الله به من العناية إنما كان تأييداً لهم لأجل إيمانهم ، فلذلك عطف عليه قوله { فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة } . وأوى أُوِياً إلى المكان جعله مسكناً له ، فالمكان المَأْوَى . وقد تقدم عند قوله تعالى { أولئك مأواهم النار بما كانوا يكسبون } في سورة يونس 8 . والفتية جمع قلة لفتى ، وهو الشاب المكتمل . وتقدم عند قوله تعالى في سورة يوسف . والمراد بالفتية أصحاب الكهف . وهذا من الإظهار في مقام الإضمار لأن مقتضى الظاهر أن يقال إذ أووا ، فعدل عن ذلك لما يدل عليه لفظ الفتية من كونهم أتراباً متقاربي السن . وذكرهم بهذا الوصف للإيماء إلى ما فيه من اكتمال خُلق الرجولية المعبر عنه بالفتوة الجامع لمعنى سداد الرأي ، وثبات الجأش ، والدفاع عن الحق ، ولذلك عدل عن الإضمار فلم يقل إذ أووا إلى الكهف . ودلت الفاء في جملة { فقالوا } على أنهم لما أووا إلى الكهف بادروا بالابتهال إلى الله . ودعوا الله أن يؤتيهم رحمة من لدنه ، وذلك جامع لخير الدنيا والآخرة ، أي أن يمن عليهم برحمة عظيمة تناسب عنايته باتباع الدين الذي أمر به ، فزيادة { من لدنك } للتعلق بفعل الإيتاء تشير إلى ذلك ، لأن في من معنى الابتداء وفي لدن معنى العندية والانتساب إليه ، فذلك أبلغ مما لو قالوا آتنا رحمة ، لأن الخلق كلهم بمحل الرحمة من الله ، ولكنهم سألوا رحمة خاصة وافرة في حين توقع ضدها ، وقصدوا الأمن على إيمانهم من الفتنة ، ولئلا يلاقوا في اغترابهم مشقة وألماً ، وأن لا يهينهم أعداء الدين فيصيروا فتنة للقوم الكافرين . ثم سألوا الله أن يقدر لهم أحوالاً تكون عاقبتها حصول ما خولهم من الثبات على الدين الحق والنجاة من مناواة المشركين . فعبر عن ذلك التقدير بالتهيئة التي هي إعداد أسباب حصول الشيء . و من في قوله { من أمرنا } ابتدائية . والأمر هنا الشأن والحال الذي يكونون فيه ، وهو مجموع الإيمان والاعتصام إلى محل العزلة عن أهل الشرك . وقد أعد الله لهم من الأحوال ما به رشدهم . فمن ذلك صرف أعدائهم عن تتبعهم ، وأن ألهمهم موضع الكهف ، وأن كان وضعه على جهة صالحة ببقاء أجسامهم سليمةً ، وأن أنامهم نوماً طويلاً ليمضي عليهم الزمن الذي تتغير فيه أحوال المدينة ، وحصل رَشَدهم إذ ثبتوا على الدين الحق وشاهدوه منصوراً متبعاً ، وجعلهم آية للناس على صدق الدين وعلى قدرة الله وعلى البعث . والرَّشد ــــ بفتحتين ــــ الخير وإصابة الحق والنفع والصلاح ، وقد تكرر في سورة الجن باختلاف هذه المعاني . والرُشد ــــ بضم الراء وسكون الشين ــــ مرادف الرَّشَد . وغلب في حسن تدْبير المال . لم يقرأ هذا اللفظ هنا في القراءات المشهورة إلا ــــ بفتح الراء ــــ بخلاف قوله تعالى { قد تبين الرشد من الغي } في البقرة 256 ، وقوله { فإن آنستم منهم رشداً } في سورة النساء 6 فلم يقرأ فيهما إلا بضم الراء . ووجه إيثار مفتوح الراء والشين في هذه السورة في هذا الموضع وفي قوله الآتي { وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا } الكهف 24 أن تحريك الحرفين فيهما أنسب بالكلمات الواقعة في قرائن الفواصل ألا ترى أن الجمهور قرؤوا قوله في هذه السورة { على أن تعلمني مما علمت رشدا } الكهف 66 ـــ بضم الراء لأنه أنسب بالقرائن المجاورة له وهي { من لدنا علماً } الكهف 65 { معي صبراً } الكهف 67 { ما لم تحط به خُبرا } الكهف 68 { ولا أعصي لك أمراً } الكهف 69 إلى آخره . ولم يقرأه هنالك بفتح الراء والشين إلا أبو عمرو ويعقوب .