Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 110-110)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
استئناف ثان ، انتقل به من التنويه بسعة علم الله تعالى وأنه لا يعجزه أن يوحي إلى رسوله بعلم كل ما يُسأل عن الإخبار به ، إلى إعلامهم بأن الرسول لم يبعث للإخبار عن الحوادث الماضية والقرون الخالية ، ولا أن من مقتضى الرسالة أن يحيط علم الرسول بالأشياء فيتصدى للإجابة عن أسئلة تُلقَى إليه ، ولكنه بشَر عِلمه كعلم البشر أوحَى الله إليه بما شاء إبلاغه عبادهُ من التوْحيد والشريعة ، ولا علم له إلاّ ما علّمه ربّه كما قال تعالى { قل إنما أتبع ما يُوحى إليّ من ربّي } الأعراف203 . فالحصر في قوله { إنما أنا بشر مثلكم } قصر الموصوف على الصفة وهو إضافي للقلب ، أي ما أنا إلاّ بشر لاَ أتجاوز البشرية إلى العلم بالمغيّبات . وأدمج في هذا أهم ما يوحي إليه وما بعث لأجله وهو توحيد الله والسعي لما فيه السلامة عند لقاء الله تعالى . وهذا من ردّ العجز على الصدر من قوله في أوّل السورة { لينذر بأساً شديداً من لدنه } الكهف 2 إلى قوله { إن يقولون إلاّ كذباً } الكهف 5 . وجملة { يوحى إلي } مستأنفة ، أو صفة ثانية لــــ { بشر } . و { أنما } مفتوحة الهمزة أخت إنما المكسورة الهمزة وهي مركبة من أَنّ المفتوحة الهمزة و ما الكَافة كما ركبت إنما المكسورة الهمزة فتفيد ما تفيده أَنّ المفتوحة من المصدرية ، وما تفيده إنما من الحصر ، والحصر المستفاد منها هنا قصر إضافي للقلب . والمعنى يوحي الله إليّ توحيد الإله وانحصار وصفه في صفة الوحدانية دون المشاركة . وتفريع { فمن كان يرجو لقاء ربه } هو من جملة الموحى به إليه ، أي يوحَى إليّ بوحدانية الإله وبإثبات البعث وبالأعمال الصالحة . فجاء النظم بطريقة بديعة في إفادة الأصول الثلاثة ، إذ جعل التوحيد أصلاً لها وفرع عليه الأصلان الآخران ، وأكد الإخبار بالوحدانية بالنّهي عن الإشراك بعبادة الله تعالى ، وحصل مع ذلك ردّ العجز على الصدر وهو أسلوب بديع .