Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 21-21)
Tafsir: Aḍwāʾ al-bayān fī īḍāḥ al-Qurʾān bi-l-Qurʾān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَكَذٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوۤاْ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ لاَ رَيْبَ فِيهَا } . انتقل إلى جزء القصة الذي هو موضع عبرَةِ أهل زمانهم بحالهم وانتفاعهم باطمئنان قلوبهم لوقوع البعث يوم القيامة بطرِيقة التقريب بالمشاهدة وتأييد الدين بما ظهر من كرامة أنصاره . وقد كان القوم الذين عثروا عليهم مؤمنين مثلهم ، فكانت آيتهم آية تثبيت وتقوية إيمان . فالكلام عطف على قوله { وكذلك بعثناهم } الكهف 19 الآية . والقول في التشبيه والإشارة في { وكذلك } نظيرُ القول في الذي قبله آنفاً . والعثور على الشيء الاطلاع عليه والظفَر به بعد الطلب . وقد كان الحديث عن أهل الكهف في تلك المدينة يتناقله أهلها فيسر الله لأهل المدينة العثور عليهم للحكمة التي في قوله { ليعلموا أن وعد الله حق } الآية . ومفعول { أعثرنا } محذوف دل عليه عموم { ولا يشعرن بكم أحداً } الكهف 20 . تقديره أعثرنا أهل المدينة عليهم . وضمير { ليعلموا } عائد إلى المفعول المحذوف المقدر لأن المقدر كالمذكور . ووعد الله هو إحياء الموتى للبعث . وأما علمهم بأن الساعة لا ريب فيها ، أي ساعة الحشر ، فهو إن صار علمهم بذلك عن مشاهدة تزول بها خواطر الخفاء التي تعتري المؤمن في اعتقاده حين لا يتصور كيفية العقائد السمعية وما هو بريب في العلم ولكنه في الكيفية ، وهو الوارد فيه أنه لا يخطر إلا لصديق ولا يدوم إلا عند زنديق . الظرف متعلق بــــ { أعثرنا } ، أي أعثرنا عليهم حين تنازعوا أمرهم . وصيغ ذلك بصيغة الظرفية للدلالة على اتصال التنازع في أمر أهل الكهف بالعثور عليهم بحيث تبادروا إلى الخوض في كرامة يجعلونها لهم . وهذا إدماج لذكر نزاع جرى بين الذين اعتدوا عليهم في أمور شتى جمعها قوله تعالى { أمرهم } فضمير { يتنازعون } و { بينهم } عائدان إلى ما عاد الله ضمير { ليعلموا } . وضمير { أمرهم } يجوز أن يعود إلى أصحاب الكهف . والأمر هنا بمعنى الشأن . والتنازع الجدال القوي ، أي يتنازع أهل المدينة بينهم شأن أهل الكهف ، مثل أكانوا نياماً أم أمواتاً ، وأيبقون أحياء أم يموتون ، وأيبقون في ذلك الكهف أم يرجعون إلى سكنى المدينة ، وفي مدة مكثهم . ويجوز أن يكون ضمير { أمرهم } عائداً إلى ما عاد عليه ضمير { يتنازعون } ، أي شأنهم فيما يفعلونه بهم . والإتيان بالمضارع لاستحضار حالة التنازع . طوي هنا وصف العثور عليهم ، وذكر عودهم إلى الكهف لعدم تعلق الغرض بذكره ، إذ ليس موضع عبرة لأن المصير إلى مرقدهم وطرو الموت عليهم شأن معتاد لكل حي . وتفريع { فقالوا } على { يتنازعون } . وإنما ارتأوا أن يبنوا عليهم بنياناً لأنهم خشوا عليهم من تردد الزائرين غير المتأدبين ، فلعلهم أن يؤذوا أجسادهم وثيابهم باللمس والتقليب ، فأرادوا أن يبنوا عليهم بناءً يمكن غلق بابه وحراسته . وجملة { ربهم أعلم بهم } يجوز أن تكون من حكاية كلام الذين قالوا ، ابنوا عليهم بنياناً . والمعنى ربهم أعلم بشؤونهم التي تنزعنا فيها ، فهذا تنهية للتنازع في أمرهم . ويجوز أن تكون معترضة من كلام الله تعالى في أثناء حكاية تنازع الذين أعثروا عليهم ، أي رب أهل الكهف أو رب المتنازعين في أمرهم أعلم منهم بواقع ما تنازعوا فيه . والذين غلبوا على أمرهم ولاة الأمور بالمدينة ، فضمير { أمرهم } يعود إلى ما عاد إليه ضمير { فقالوا } ، أي الذين غلبوا على أمر القائلين ابنوا عليهم بنياناً . وإنما رأوا أن يكون البناء مسجداً ليكون إكراماً لهم ويدوم تعهد الناس كهفهم . وقد كان اتخاذ المساجد على قبور الصالحين من سنة النصارى ، ونهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث يوم وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة ــــ رضي الله عنها ــــ « ولولا ذلك لأبرز قبرُه » ، أي لأبرز في المسجد النبوي ولم يجعل وراء جدار الحجرة . واتخاذ المساجد على القبور ، والصلاة فيها منهي عنه ، لأن ذلك ذريعة إلى عبادة صاحب القبر أو شبيهٌ بفعل من يعبدون صالحي ملتهم . وإنما كانت الذريعة مخصوصة بالأموات لأن ما يعرض لأصحابهم من الأسف على فقدانهم يبعثهم على الإفراط فيما يحسبون أنه إكرام لهم بعد موتهم ، ثم يتناسى الأمر ويظن الناس أن ذلك لخاصية في ذلك الميّت . وكان بناء المساجد على القبور سنة لأهل النصرانية ، فإن كان شرعاً لهم فقد نسخه الإسلام ، وإن كان بدعة منهم في دينهم فأجدر .